القران كاملا مشاري

حمل المصحف بكل صيغه

 حمل المصحف

Translate

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 31 ديسمبر 2022

تفسير سورة الأعراف {من 12 الي 22.}

 ==========

 

  

 

=========

 

قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (12) قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ (13) قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (14) قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (15) قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17) قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ (18) وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (19) فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (20) وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ (21) فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ (22)

 

تفسير ابن كثير/الأعراف - تفسير ابن كثير

قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (12)

{ قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (12) }

قال بعض النحاة في توجيه قوله تعالى: { مَا [مَنَعَكَ] (1) أَلا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ } لا هاهنا زائدة.

وقال بعضهم: زيدت لتأكيد الجحد، كقول الشاعر:

ما إن رأيتُ ولا سمعتُ بمثله

فأدخل "إن" وهي للنفي، على "ما" النافية؛ لتأكيد النفي، قالوا: وكذلك هاهنا: { مَا مَنَعَكَ أَلا تَسْجُدَ } مع تقدم قوله: { لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ }

حكاهما ابن جرير (2) وردهما، واختار أن "منعك" تضمن معنى فعل آخر تقديره: ما أحوجك وألزمك واضطرك ألا تسجد إذ أمرتك، ونحو ذلك. وهذا القول قوي حسن، والله أعلم.

وقول إبليس لعنه الله: { أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ } من العذر الذي هو أكبر من الذنب، كأنه امتنع من الطاعة لأنه لا يؤمر الفاضل بالسجود للمفضول، يعني لعنه الله: وأنا خير منه، فكيف تأمرني بالسجود له؟ ثم بين أنه خير منه، بأنه خلق من نار، والنار أشرف مما خلقته منه، وهو الطين، فنظر اللعين إلى أصل العنصر، ولم ينظر إلى التشريف العظيم، وهو أن الله تعالى خلق آدم بيده، ونفخ فيه من روحه، وقاس قياسًا فاسدًا في مقابلة نص قوله تعالى: { فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ } [ ص :72 ] فشذ من بين الملائكة بتَرْك السجود؛ فلهذا (3) أبلس من الرحمة، أي: أيس من الرحمة، فأخطأ قَبَّحه الله في قياسه ودعواه أن النار أشرف من الطين أيضًا، فإن الطين من شأنه الرزانة والحلم والأناة والتثبت، والطين محل النبات والنمو والزيادة والإصلاح. والنار من شأنها الإحراق والطيش والسرعة؛ ولهذا خان إبليس عنصره، ونفع آدم عنصره في الرجوع والإنابة والاستكانة والانقياد والاستسلام لأمر الله، والاعتراف وطلب التوبة والمغفرة.

وفي صحيح مسلم، عن عائشة، رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خُلِقَت الملائكة من نور، وخُلقَ إبليس من مارج من نار، وخلق آدم مما وُصِفَ لكم" هكذا رواه مسلم (4) .

وقال ابن مَرْدُوَيه: حدثنا عبد الله بن جعفر، حدثنا إسماعيل، عن عبد الله بن مسعود، حدثنا نُعَيم ابن حماد، حدثنا عبد الرزاق، عن مَعْمَر، عن الزهري، عن عُرْوَة، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خلق الله الملائكة من نور العرش، وخلق الجان من [مارج من] (5) نار، وخلق آدم

__________

(1) زيادة من أ.

(2) تفسير الطبري (12/324).

(3) في م: "ولهذا".

(4) صحيح مسلم برقم (2996).

(5) زيادة من أ. (3/392)

 ____

قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ (13) قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (14) قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (15) قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17)

مما وُصِفَ لكم". قلت لنعيم بن حماد: أين سمعت هذا من عبد الرزاق؟ قال: باليمن (1) وفي بعض ألفاظ هذا الحديث في غير الصحيح: "وخلقت الحور العين من الزعفران" (2) .

وقال ابن جرير: حدثنا القاسم، حدثنا الحسين، حدثنا محمد بن كثير، عن ابن شَوْذَب، عن مطر الوَرَّاق، عن الحسن في قوله: { خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ } قال: قاس إبليس، وهو أول من قاس. إسناده صحيح.

وقال: حدثني عمرو بن مالك، حدثنى يحيى بن سليم الطائفي (3) عن هشام، عن ابن سيرين قال: أول من قاس إبليس، وما عُبِدت الشمس والقمر إلا بالمقاييس (4) إسناد صحيح أيضا.

{ قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ (13) قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (14) قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (15) }

يقول تعالى مخاطبًا لإبليس بأمر قدري كوني: { فَاهْبِطْ مِنْهَا } أي: بسبب عصيانك لأمري، وخروجك عن طاعتي، فما يكون لك أن تتكبر فيها.

قال كثير من المفسرين: الضمير عائد إلى الجنة، ويحتمل أن يكون عائدًا إلى المنزلة التي هو فيها في الملكوت الأعلى.

{ فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ } أي: الذليلين الحقيرين، معاملة له بنقيض قصده، مكافأة لمراده بضده، فعند ذلك استدرك اللعين وسأل النظرة إلى يوم الدين، قال: { أَنْظِرْنِي (5) إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِين } أجابه تعالى إلى ما سأل، لما له في ذلك من الحكمة والإرادة والمشيئة التي لا تخالف ولا تمانع، ولا مُعَقِّبَ لحكمه، وهو سريع الحساب.

{ قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17) }

يخبر تعالى أنه لما أنظر إبليس { إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ } (6) واستوثق إبليس بذلك، أخذ في المعاندة والتمرد، فقال: { فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ } أي: كما أغويتني.

قال ابن عباس: كما أضللتني. وقال غيره: كما أهلكتني لأقعدن لعبادك -الذين تخلقهم من

__________

(1) رواه عبد الرزاق في المصنف برقم (20904).

(2) ورواه الطبراني في المعجم الكبير (8/237) من طريق عبيد الله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة، رضي الله عنه، وفي إسناده عبيد الله بن زحر، قال ابن حبان في المجروحين: "يروى الموضوعات عن الأثبات، وإذا روى عن علي بن يزيد أتى بالطامات، وإذا اجتمع في إسناد خبر عبيد الله، وعلي بن يزيد، والقاسم أبو عبد الرحمن، لم يكن ذلك الخبر إلا مما عملته أيديهم".

(3) في أ: "الطائي".

(4) تفسير الطبري (12/328).

(5) في ك، م: "فأنظرني" وهو خطأ.

(6) في م: "الدين" وهو خطأ.

(3/393)

________________________________________

ذرية هذا الذي أبعدتني بسببه -على { صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ } أي: طريق الحق وسبيل النجاة، ولأضلنهم (1) عنها لئلا يعبدوك ولا يوحدوك بسبب إضلالك إياي.

وقال بعض النحاة: الباء هاهنا قسمية، كأنه يقول: فبأغوائك إياي لأقعدن لهم صراطك المستقيم.

قال مجاهد: { صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ } يعني: الحق.

وقال محمد (2) بن سوقة، عن عون بن عبد الله: يعني طريق مكة.

قال ابن جرير: والصحيح أن الصراط المستقيم أعم من ذلك [كله] (3) .

قلت: لما روى الإمام أحمد:

حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا أبو عَقِيل-يعني الثقفي عبد الله بن عقيل -حدثنا موسى بن المسيب، أخبرني سالم بن أبي الجَعْد عن سَبْرَة بن أبي فَاكِه قال:سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الشيطان قعد لابن آدم بطرقه، فقعد له بطريق الإسلام، فقال: أتسلم وتذر دينك ودين آبائك؟". قال: "فعصاه وأسلم". قال: "وقعد له بطريق (4) الهجرة فقال: أتهاجر وتدع (5) أرضك وسماءك، وإنما مثل المهاجر كالفرس في الطّوَل؟ فعصاه وهاجر، ثم قعد له بطريق (6) الجهاد، وهو جهاد النفس والمال، فقال: تقاتل فتقتل، فتنكح المرأة ويقسم المال؟". قال: "فعصاه، فجاهد". قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فمن فعل ذلك منهم (7) فمات، كان حقًا على الله أن يدخله الجنة، أو قتل كان (8) حقا على الله، عز وجل، أن يدخله الجنة، وإن غرق كان حقا على الله أن يدخله الجنة، أو (9) وَقَصته دابة كان حقا على الله أن يدخله الجنة" (10) .

وقوله: { ثمَُ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ [وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وِعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ] } (11) قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: { ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ } أشككهم في آخرتهم، { وَمِنْ خَلْفِهِمْ } أرغبهم في دنياهم { وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ } أشبَه عليهم أمر دينهم { وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ } أشهي لهم المعاصي.

وقال [علي] (12) بن طلحة -في رواية -والعَوْفي، كلاهما عن ابن عباس: أما { مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ } فمن قبل دنياهم، وأما { مِنْ خَلْفِهِمْ } فأمر آخرتهم، وأما { عَنْ أَيْمَانِهِمْ } فمن قِبَل حسناتهم، وأما { عَنْ شَمَائِلِهِمْ } فمن قبل سيئاتهم.

وقال سعيد بن أبي عَرُوبَة، عن قتادة: أتاهم { مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ } فأخبرهم أنه (13) لا بعث ولا

__________

(1) في أ: "أفلأضلنهم".

(2) في أ: "مجاهد".

(3) زيادة من ك.

(4) في د: "في طريق".

(5) في د، ك، م، أ: "وتذر".

(6) في د: "في طريق".

(7) في د: "منهم ذلك".

(8) في ك: "وإن قتل كان"، وفي م: "وإن كان قتل".

(9) في م: "وإن".

(10) المسند (3/483).

(11) زيادة من أ، وفي هـ: "الآية".

(12) زيادة من أ.

(13) في ك: "أن".

(3/394)

________________________________________

جنة ولا نار { وَمِنْ خَلْفِهِمْ } من أمر الدنيا فزيَّنها لهم ودعاهم إليها و { عَنْ أَيْمَانِهِم } من قبل حسناتهم بَطَّاهم (1) عنها { وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ } زين لهم السيئات والمعاصي، ودعاهم إليها، وأمرهم بها. آتاك يا ابن آدم من كل وجه، غير أنه لم يأتك من فوقك، لم يستطع أن يحول بينك وبين رحمة الله.

وكذا رُوي عن إبراهيم النَّخَعي، والحكم بن عتيبة (2) والسدي، وابن جرير (3) إلا أنهم قالوا: { مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ } الدنيا { وَمِنْ خَلْفِهِمْ } الآخرة.

وقال مجاهد: "من بين أيديهم وعن أيمانهم": حيث يبصرون، "ومن خلفهم وعن شمائلهم": حيث لا يبصرون .

واختار ابن جرير أن المراد جميع طرق الخير والشر، فالخير يصدهم عنه، والشر يُحببه (4) لهم.

وقال الحكم بن أبان، عن عِكْرِمة، عن ابن عباس في قوله: { ثمَُ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وِعَنْ شَمَائِلِهِمْ } ولم يقل: من فوقهم؛ لأن الرحمة تنزل من فوقهم.

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: { وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ } قال: موحدين.

وقول إبليس هذا إنما هو ظن منه وتوهم، وقد وافق في هذا الواقع، كما قال تعالى: { وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ } [ سبأ: 20 ، 21 ] .

ولهذا ورد في الحديث الاستعاذة من تسلط الشيطان على الإنسان من جهاته كلها، كما قال الحافظ أبو بكر البزار في مسنده:

حدثنا نَصْر بن علي، حدثنا عمرو بن مُجَمِّع، عن يونس بن خَبَّاب، عن ابن جُبَيْر بن مُطْعِم -يعني نافع بن جبير -عن ابن عباس -وحدثنا عمر بن الخطاب -يعني السجستاني -حدثنا عبد الله بن جعفر، حدثنا عبيد الله بن عمرو، عن زيد بن أبي أُنَيْسَةَ، عن يونس بن خباب -عن ابن جبير بن مطعم -عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي، وأهلي ومالي، اللهم استر عَوْرَتي، وآمن رَوْعَتِي (5) واحفظني من بين يدي ومن خلفي، وعن يميني وعن شمالي، ومن فوقي، وأعوذ بك (6) اللهم أن أُغْتَال مِنْ تَحْتِي". تفرد به البزار (7) وحسنه.

وقال الإمام أحمد: حدثنا وَكِيع، حدثنا عبادة بن مسلم الفزاري، حدثني جُبَير بن أبي سليمان

__________

(1) في أ: "بطأهم".

(2) في م، أ: "عيينة".

(3) في د، ك، م: "جريج".

(4) في د، ك، م، أ:"يحسنه".

(5) في د، ك: "اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي".

(6) في د: "بعظمتك".

(7) مسند البزار برقم (3196) "كشف الأستار" وقال الهيثمي في المجمع (10/175): "فيه يونس بن خباب وهو ضعيف"

(3/395)

________________________________________

قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ (18)

ابن جبير بن مطعم، سمعت عبد الله بن عمر يقول: لم يكن رسول الله يدع هؤلاء الدعوات حين يصبح وحين يمسي: "اللهم إني أسألك العافية (1) في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي، وآمن رَوْعاتي، اللهم احفظني من بين يديّ ومن خلفي، وعن يميني وعن شمالي، ومن فَوْقِي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي". قال وكيع: يعني الخسف.

ورواه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه، وابن حِبَّان، والحاكم من حديث عبادة بن مسلم، به (2) وقال الحاكم: صحيح الإسناد.

{ قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ (18) }

أكد تعالى عليه اللعنة (3) والطرد والإبعاد والنفي عن محل الملأ الأعلى بقوله: { اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا }

قال ابن جرير: أما "المذؤوُم" فهو المعيب، والذّأم غير مشدَّد: العيب. يقال: "ذأمه يذأمه ذأما فهو مذءوم". ويتركون الهمز فيقولون: "ذمْته أذيمه ذيما وذَاما، والذام والذيم أبلغ في العيب من الذم".

قال: "والمدحور" : المُقْصَى. وهو المبعد المطرود.

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: ما نعرف (4) المذءوم" و "المذموم" إلا واحدًا.

وقال سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، عن التميمي، عن ابن عباس: { اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا } قال: مقيتا.

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: صغيرا مقيتا. وقال السدي: مقيتا مطرودا. وقال قتادة: لعينا مقيتا. وقال مجاهد: منفيًا مطرودًا. وقال الربيع بن أنس: مذؤوما: منفيا، والمدحور: المصغر (5) .

وقوله تعالى: { لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ } كقوله { قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا * وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأمْوَالِ وَالأولادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلا غُرُورًا * إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلا } [ الإسراء : 63 -65 ] .

__________

(1) في أ: "أسألك العفو والعافية".

(2) المسند (2/25) وسنن أبي داود برقم (5074) وسنن النسائي (8/282) وسنن ابن ماجة برقم (3871) وصحيح ابن حبان (2/155) "الإحسان" والمستدرك (1/517).

(3) في د، ك، م، أ: "أكد تعالى عليه اللعنة".

(4) في ك: "ما يعرف".

(5) في د: "الصغير".

(3/396)

________________________________________

وَيَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (19) فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآَتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (20) وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ (21) فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآَتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ (22)

{ وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (19) فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (20) وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ (21) }

يذكر تعالى أنه أباح لآدم، عليه السلام، ولزوجته [حواء] (1) الجنة أن يأكلا منها من جميع ثمارها إلا شجرة واحدة. وقد تقدم الكلام على ذلك في "سورة البقرة"، فعند ذلك حسدهما الشيطان، وسعى في المكر والخديعة والوسوسة ليُسلبا (2) ما هما فيه من النعمة واللباس الحسن، وقال كذبا وافتراء: ما نهاكما ربكما عن أكل (3) الشجرة إلا لتكونا ملكين أي: لئلا تكونا ملكين، أو خالدين هاهنا ولو أنكما أكلتما منها لحصل لكما ذلكما (4) كقوله: { قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى } [ طه: 120 ] أي: لئلا تكونا ملكين، كقوله: { يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا } [ النساء : 176 ] أي: لئلا تضلوا، { وَأَلْقَى فِي الأرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ } [ النحل: 15 ] أي: لئلا تميد بكم.

وكان ابن عباس ويحيى بن أبي كثير يقرآن: { إِلا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ } بكسر اللام. وقرأه الجمهور بفتحها.

{ وَقَاسَمَهُمَا } أي: حلف لهما بالله: { إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ } فإني من قَبْلكما هاهنا، وأعلم بهذا المكان، وهذا من باب المفاعلة والمراد أحد الطرفين، كما قال خالد بن زهير، ابن عم أبي ذؤيب:

وقاسَمَها بالله جَهْدا لأنتمُ ... ألذّ من السلوى إذ ما نشورها (5)

أي: حلف لهما بالله [على ذلك] (6) حتى خدعهما، وقد يخدع المؤمن بالله، فقال: إني خُلقت قبلكما، وأنا أعلم منكما، فاتبعاني أرشدكما. وكان بعض أهل العلم يقول: "من خادعنا بالله خُدعنا له".

{ فَدَلاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ (22) }

__________

(1) زيادة من أ.

(2) في د: "ليسلبهما".

(3) في د، ك: "هذه".

(4) في أ: "ذلك".

(5) البيت في تفسير الطبري (12/350) وعزاه المحقق لأشعار الهذليين (1/158).

(6) زيادة من د، ك، م، أ.

 

 

 

 

 

تفسير الحافظ القرطبي

 

الأعراف - تفسير القرطبي

 

الآية: 12 {قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ}

(7/169)

________________________________________

فيه أربع مسائل:-

الأولى: قوله تعالى: {قَالَ مَا مَنَعَكَ} {مَا}في موضع رفع بالابتداء؛ أي أي شيء منعك. وهذا سؤال توبيخ. {أَلَّا تَسْجُدَ} في موضع نصب، أي من أن تسجد. و{لا} زائدة. وفي ص {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ} [ص: 75] وقال الشاعر:

أبى جوده لا البخل فاستعجلت به ... نعم من فتى لا يمنع الجود نائله

أراد أبى جوده البخل، فزاد {لا}. وقيل: ليست بزائدة؛ فان المنع فيه طرف من القول والدعاء، فكأنه قال: من قال لك ألا تسجد؟ أو من دعاك إلى ألا تسجد؟ كما تقول: قد قلت لك ألا تفعل كذا. وقيل: في الكلام حذف، والتقدير: ما منعك من الطاعة وأحوجك إلى ألا تسجد. قال العلماء: الذي أحوجه إلى ترك السجود هو الكبر والحسد؛ وكان أضمر ذلك في نفسه إذا أمر بذلك. وكان أمره من قبل خلق آدم؛ يقول الله تعالى: {إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ. فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} [ص: 71، 72]. فكأنه دخله أمر عظيم من قوله {فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} . فإن في الوقوع توضيع الواقع وتشريفا لمن وقع له؛ فأضمر في نفسه ألا يسجد إذا أمره في ذلك الوقت. فلما نفخ فيه الروح وقعت الملائكة سجدا، وبقي هو قائما بين أظهرهم؛ فأظهر بقيامه وترك السجود ما في ضميره. فقال الله تعالى: {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ} أي ما منعك من الانقياد لأمري؛ فأخرج سر ضميره فقال: {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ} .

الثانية: قوله تعالى: {إِذْ أَمَرْتُكَ} يدل على ما يقوله الفقهاء من أن الأمر يقتضي الوجوب بمطلقه من غير قرينة؛ لأن الذم علق على ترك الأمر المطلق الذي هو قوله عز وجل للملائكة: {اسْجُدُوا لِآدَمَ} وهذا بين.

الثالثة: قوله تعالى: {قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ} أي منعني من السجود فضلي عليه؛ فهذا من إبليس جواب على المعنى. كما تقول: لمن هذه الدار؟ فيقول المخاطب: مالكها

(7/170)

________________________________________

زيد. فليس هذا عين الجواب، بل هو كلام يرجع إلى معنى الجواب. {خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} فرأى أن النار أشرف من الطين؛ لعلوها وصعودها وخفتها، ولأنها جوهر مضيء. قال ابن عباس والحسن وابن سيرين: أول من قاس إبليس فأخطأ القياس. فمن قاس الدين برأيه قرنه مع إبليس. قال ابن سيرين: وما عبدت الشمس والقمر إلا بالمقاييس. وقالت الحكماء: أخطأ عدو الله من حيث فضل النار على الطين، وإن كانا في درجة واحدة من حيث هي جماد مخلوق. فإن الطين أفضل من النار من وجوه أربعة: أحدها: أن من جوهر الطين الرزانة والسكون، والوقار والأناة، والحلم، والحياء، والصبر. وذلك هو الداعي لآدم عليه السلام بعد السعادة التي سبقت له إلى التوبة والتواضع والتضرع، فأورثه المغفرة والاجتباء والهداية. ومن جوهر النار الخفة، والطيش، والحدة، والارتفاع، والاضطراب. وذلك هو الداعي لإبليس بعد الشقاوة التي سبقت له إلى الاستكبار والإصرار؛ فأورثه الهلاك والعذاب واللعنة والشقاء؛ قال القفال. الثاني: إن الخبر ناطق بأن تراب الجنة مسك أذفر، ولم ينطق الخبر بأن في الجنة نارا وأن في النار ترابا. الثالث: أن النار سبب العذاب، وهي عذاب الله لأعدائه؛ وليس التراب سببا للعذاب. الرابع: أن الطين مستغن عن النار، والنار محتاجة إلى المكان ومكانها التراب.

قلت: ومحتمل قولا خامسا وهو أن التراب مسجد وطهور؛ كما جاء في صحيح الحديث. والنار تخويف وعذاب؛ كما قال تعالى: {ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ} [الزمر: 16]. وقال ابن عباس: كانت الطاعة أولى بإبليس من القياس فعصى ربه، وهو أول من قاس برأيه. والقياس في مخالفة النص مردود.

الرابعة: واختلف الناس في القياس إلى قائل به، وراد له؛ فأما القائلون به فهم الصحابة والتابعون، وجمهور من بعدهم، وأن التعبد به جائز عقلا واقع شرعا، وهو الصحيح.

(7/171)

________________________________________

وذهب القفال من الشافعية وأبو الحسين البصري إلى وجوب التعبد به عقلا. وذهب النظام إلى أنه يستحيل التعبد به عقلا وشرعا؛ ورده بعض أهل الظاهر. والأول الصحيح. قال البخاري في "كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة": المعنى لا عصمة لأحد إلا في كتاب الله أو سنة نبيه أو في إجماع العلماء إذا وجد فيها الحكم فإن لم يوجد فالقياس. وقد ترجم على هذا "باب من شبه أصلا معلوما بأصل مبين قد بين الله حكمها ليفهم السائل". وترجم بعد هذا "باب الأحكام التي تعرف بالدلائل وكيف معنى الدلالة وتفسيرها". وقال الطبري: الاجتهاد والاستنباط من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وإجماع الأمة هو الحق الواجب، والفرض اللازم لأهل العلم. وبذلك جاءت الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن جماعة الصحابة والتابعين. وقال أبو تمام المالكي: أجمعت الأمة على القياس؛ فمن ذلك أنهم أجمعوا على قياس الذهب والورق في الزكاة. وقال أبو بكر: أقيلوني بيعتي. فقال علي: والله لا نقيلك ولا نستقيلك، رضيك رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا أفلا نرضاك لدنيانا؟ فقاس الإمامة على الصلاة. وقاس الصديق الزكاة على الصلاة وقال: والله لا أفرق بين ما جمع الله. وصرح علي بالقياس في شارب الخمر بمحضر من الصحابة وقال: إنه إذا سكر هذى، وإذا هذى افترى؛ فحده حد القاذف. وكتب عمر إلى أبي موسى الأشعري كتابا فيه: الفهم فيما يختلج في صدرك مما لم يبلغك في الكتاب والسنة، أعرف الأمثال والأشباه، ثم قس الأمور عند ذلك، فاعمد إلى أحبها إلى الله تعالى وأشبهها بالحق فيما ترى. الحديث بطوله ذكره الدارقطني. وقد قال أبو عبيدة لعمر رضي الله عنهما في حديث الوباء، حين رجع عمر من سرغ: نفر من قدر الله؟ فقال عمر: نعم! نفر من قدر الله إلى قدر الله. ثم قال له عمر: أرأيت... فقايسه وناظره بما يشبه من مسألته بمحضر المهاجرين والأنصار، وحسبك. وأما الآثار وأي القرآن في هذا المعنى فكثير. وهو يدل على أن القياس أصل من أصول الدين، وعصمة من عصم المسلمين، يرجع إليه المجتهدون، ويفزع إليه العلماء العاملون، فيستنبطون

(7/172)

________________________________________

به الأحكام. وهذا قول الجماعة الذين هم الحجة، ولا يلتفت إلى من شذ عنها. وأما الرأي المذموم والقياس المتكلف المنهي عنه فهو ما لم يكن على هذه الأصول المذكورة؛ لأن ذلك ظن ونزغ من الشيطان؛ قال الله تعالى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: 36]. وكل ما يورده المخالف من الأحاديث الضعيفة والأخبار الواهية في ذم القياس فهي محمولة على هذا النوع من القياس المذموم، الذي ليس له في الشرع أصل معلوم. وتتميم هذا الباب في كتب الأصول.

الآية: 13 {قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ}

قوله تعالى: {قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا} أي من السماء. {فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا} لأن أهلها الملائكة المتواضعون. {فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ} أي من الأذلين. ودل هذا أن من عصى مولاه فهو ذليل. وقال أبو روق والبجلي: {فَاهْبِطْ مِنْهَا} أي من صورتك التي أنت فيها؛ لأنه افتخر بأنه من النار فشوهت صورته بالإظلام وزوال إشراقه. وقيل: {فَاهْبِطْ مِنْهَا} أي انتقل من الأرض إلى جزائر البحار؛ كما يقال: هبطنا أرض كذا أي انتقلنا إليها من مكان آخر، فكأنه أخرج من الأرض إلى جزائر البحار فسلطانه فيها، فلا يدخل الأرض إلا كهيئة السارق يخاف فيها حتى يخرج منها. والقول الأول أظهر. وقد تقدم في "البقرة".

الآيتان: 14 - 15 {قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ، قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ}

سأل النظرة والإمهال إلى يوم البعث والحساب. طلب ألا يموت لأن يوم البعث لا موت بعده؛ فقال الله تعالى: {إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ} . قال ابن عباس والسدي وغيرهما:

(7/173)

________________________________________

أنظره إلى النفخة الأولى حيث يموت الخلق كلهم. وكان طلب الإنظار إلى النفخة الثانية حيث يقوم الناس لرب العالمين؛ فأبى الله ذلك عليه. وقال: {إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} ولم يتقدم من يبعث؛ لأن القصة في آدم وذريته، فدلت القرينة على أنهم هم المبعوثون.

الآيتان: 16 - 17 {قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ، ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ}

فيه ثلاث مسائل:-

الأولى: قوله تعالى: {قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي} الإغواء إيقاع الغي في القلب؛ أي فبما أوقعت في قلبي من الغي والعناد والاستكبار. وهذا لأن كفر إبليس ليس كفر جهل؛ بل هو كفر عناد واستكبار. قيل: معنى الكلام القسم، أي فبإغوائك إياي لأقعدن لهم على صراطك، أو في صراطك؛ فحذف. دليل على هذا القول قوله في {ص}: {فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} [ص: 82] فكأن إبليس أعظم قدر إغواء الله إياه لما فيه من التسليط على العباد، فأقسم به إعظاما لقدره عنده. وقيل: الباء بمعنى اللام، كأنه قال: فلإغوائك إياي. وقيل: هي بمعنى مع، والمعنى فمع إغوائك إياي. وقيل: هو استفهام، كأنه سأل بأي شيء أغواه؟. وكان ينبغي على هذا أن يكون: فبم أغويتني؟. وقيل: المعنى فبما أهلكتني بلعنك إياي. والإغواء الإهلاك، قال الله تعالى: {فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً} [مريم: 59] أي هلاكا. وقيل: فبما أضللتني. والإغواء: الإضلال والإبعاد؛ قال ابن عباس. وقيل: خيبتني من رحمتك؛ ومنه قول الشاعر:

ومن يغو لا يعدم عل الغي لائما

(7/174)

________________________________________

أي من يخب. وقال ابن الأعرابي: يقال غوى الرجل يغوي غيا إذا فسد عليه أمره، أو فسد هو في نفسه. وهو أحد معاني قوله تعالى: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} [طه: 121] أي فسد عيشه في الجنة. ويقال: غوي الفصيل إذا لم يدر لبن أمه.

الثانية: مذهب أهل السنة أي أن الله تعالى أضله وخلق فيه الكفر؛ ولذلك نسب الإغواء في هذا إلى الله تعالى. وهو الحقيقة، فلا شيء في الوجود إلا وهو مخلوق له، صادر عن إرادته تعالى. وخالف الإمامية والقدرية وغيرهما شيخهم إبليس الذي طاوعوه في كل ما زينه لهم، ولم يطاوعوه في هذه المسألة ويقولون: أخطأ إبليس، وهو أهل للخطأ حيث نسب الغواية إلى ربه، تعالى الله عن ذلك. فيقال لهم: وإبليس وإن كان أهلا للخطأ فما تصنعون في نبي مكرم معصوم، وهو ونوح عليه السلام حيث قال لقومه: {وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [هود: 34] وقد روي أن طاوسا جاءه رجل في المسجد الحرام، وكان متهما بالقدر، وكان من الفقهاء الكبار؛ فجلس إليه فقال له طاوس: تقوم أو تقام؟ فقيل لطاوس: تقول هذا لرجل فقيه! فقال: إبليس أفقه منه، يقول إبليس: رب بما أغويتني. ويقول هذا: أنا أغوي نفسي.

الثالثة: قوله تعالى: {لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ} أي بالصد عنه، وتزيين الباطل حتى يهلكوا كما هلك، أو يضلوا كما ضل، أو يخيبوا كما خيب؛ حسب ما تقدم من المعاني الثلاثة في {أَغْوَيْتَنِي} . والصراط المستقيم هو الطريق الموصل إلى الجنة. و {صِرَاطَكَ} منصوب على حذف {على} أو {في} من قوله: {صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ} ؛ كما حكى سيبويه "ضرب زيد الظهر والبطن". وأنشد:

لدن بهز الكف يعسل متنه ... فيه كما عسل الطريق الثعلب

(7/175)

________________________________________

ومن أحسن ما قيل في تأويل {ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} أي لأصدنهم عن الحق، وأرغبنهم في الدنيا، وأشككهم في الآخرة. وهذا غاية في الضلالة. كما قال: {وَلَأُضِلَّنَّهُمْ} [النساء: 119] حسب ما تقدم. وروى سفيان عن منصور عن الحكم بن عتيبة: {مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ} من دنياهم. {وَمِنْ خَلْفِهِمْ} من آخرتهم. {وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ} يعني حسناتهم. {وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ} يعني سيئاتهم. قال النحاس: وهذا قول حسن وشرحه: أن معنى {ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ} من دنياهم، حتى يكذبوا بما فيها من الآيات وأخبار الأمم السالفة {وَمِنْ خَلْفِهِمْ} من آخرتهم حتى يكذبوا بها. {وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ} من حسناتهم وأمور دينهم. ويدل على هذا قوله: {إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ} [الصافات: 28] {وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ} يعني سيئاتهم، أي يتبعون الشهوات؛ لأنه يزينها لهم. {وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} أي موحدين طائعين مظهرين الشكر.

الآية: 18 {قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُوماً مَدْحُوراً لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ}

قوله تعالى: {قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا} أي من الجنة. {مَذْءُوماً مَدْحُوراً}. {مَذْءُوماً} أي مذموما. والذأم: العيب، بتخفيف الميم. قال ابن زيد: مذؤوما ومذموما سواء؛ يقال: ذأمته وذممته وذمته بمعنى واحد. وقرأ الأعمش {مَذُوماً}. والمعنى واحد؛ إلا أنه خفف الهمزة. وقال مجاهد: المذؤوم المنفي. والمعنيان متقاربان. والمدحور: المبعد المطرود؛ عن مجاهد وغيره. وأصله الدفع. {قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُوماً مَدْحُوراً لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ} اللام لام القسم، والجواب {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ}. وقيل: {لَمَنْ تَبِعَكَ} لام توكيد. { لَأَمْلَأَنَّ} لام قسم. والدليل على هذا أنه يجوز في غير القراءة حذف اللام الأولى، ولا يجوز

(7/176)

________________________________________

حذف الثانية. وفي الكلام معنى الشرط والمجازاة؛ أي من تبعك عذبته. ولو قلت: من تبعك أعذبه لم يجز؛ إلا أن تريد لأعذبه. وقرأ عاصم من رواية أبي بكر بن عياش {لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ} بكسر اللام. وأنكره بعض النحويين. قال النحاس: وتقديره - والله أعلم - من أجل من تبعك. كما يقال: أكرمت فلانا لك. وقد يكون المعنى: الدحر لمن تبعك. ومعنى {مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ} أي منكم ومن بني آدم؛ لأن ذكرهم قد جرى إذ قال: {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ} [الأعراف: 11]. خاطب ولد آدم.

الآية: 19 {وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ}

قال لآدم بعد إخراج إبليس من موضعه من السماء: اسكن أنت وحواء الجنة. وقد تقدم في البقرة معنى الإسكان، فأغنى عن إعادته. وقد تقدم معنى {وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ} [البقرة: 35] هناك. والحمد لله.

الآية: 20 {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ}

قوله تعالى: {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ} أي إليهما. قيل: داخل الجنة بإدخال الحية إياه وقيل: من خارج، بالسلطنة التي جعلت له. والوسوسة: الصوت الخفي. والوسوسة: حديث النفس؛ يقال: وسوست إليه نفسه وسوسة ووسواسا "بكسر الواو". والوسواس "بالفتح": اسم، مثل الزلزال. ويقال لهمس الصائد والكلاب وأصوات الحلى: وسواس. قال الأعشى:

(7/177)

________________________________________

تسمع للحلي وسواسا إذا انصرفت ... كما استعان بريح عشرق زجل

والوسواس: اسم الشيطان؛ قال الله تعالى: {مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ} [الناس: 4]. "ليبدي لهما" أي ليظهر لهما. واللام لام العاقبة؛ كما قال: {لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً} [القصص: 8]. وقيل: لام كي. {مَا وُورِيَ عَنْهُمَا} أي ستر وغطي عنهما. ويجوز في غير القرآن أوري، مثل أقتت و{ مِنْ سَوْآتِهِمَا} من عوراتهما وسمي الفرج عورة لأن إظهاره يسوء صاحبه. ودل هذا على قبح كشفها فقيل: إنما بدت سوآتهما لهما لا لغيرهما؛ كان عليهما نور لا ترى عوراتهما فزال النور. وقيل: ثوب؛ فتهافت، والله أعلم. {إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ} {أَنْ} في موضع نصب، بمعنى إلا، كراهية أن؛ فحذف المضاف. هذا قول البصريين. والكوفيون يقولون: لئلا تكونا. وقيل: أي إلا ألا تكونا ملكين تعلمان الخير والشر. وقيل: طمع آدم في الخلود؛ لأنه علم أن الملائكة لا يموتون إلى يوم القيامة. قال النحاس: وبين الله عز وجل فضل الملائكة على جميع الخلق في غير موضع من القرآن؛ فمنها هذا، وهو {إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ} . ومنه {وَلا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ} [هود: 31]. ومنه {وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ} [النساء: 172]. وقال الحسن: فضل الله الملائكة بالصور. والأجنحة والكرامة. وقال غيره: فضلهم جل وعز بالطاعة وترك المعصية؛ فلهذا يقع التفضيل في كل شيء. وقال ابن فورك. لا حجة في هذه الآية؛ لأنه يحتمل أن يريد ملكين في ألا يكون لهما شهوة في طعام. واختيار ابن عباس والزجاج وكثير من العلماء تفضيل المؤمنين على الملائكة؛ وقال الكلبي: فضلوا على الخلائق كلهم، غير طائفة من الملائكة: جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت؛ لأنهم من جملة رسل الله. وتمسك كل فريق بظواهر من الشريعة، والفضل بيد الله. وقرأ ابن عباس {مَلِكَيْنِ} بكسر اللام، وهي قراءة يحيى بن أبي كثير والضحاك. وأنكر

(7/178)

________________________________________

أبو عمرو بن العلاء كسر اللام وقال: لم يكن قبل آدم صلى الله عليه وسلم ملك فيصيرا ملكين. قال النحاس: ويجوز على هذه القراءة إسكان اللام، ولا يجوز على القراءة الأولى لخفة الفتحة. قال ابن عباس: أتاهما الملعون من جهة الملك؛ ولهذا قال: {هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى} [طه: 120]. وزعم أبو عبيد أن احتجاج يحيى بن أبي كثير بقوله: {وَمُلْكٍ لا يَبْلَى} حجة بينة، ولكن الناس على تركها فلهذا تركناها. قال النحاس: {إلا أن تكون مَلِكَين} قراءة شاذة. وقد أنكر على أبي عبيد هذا الكلام، وجعل من الخطأ الفاحش. وهل يجوز أن يتوهم آدم عليه السلام أنه يصل إلى أكثر من ملك الجنة؛ وهو غاية الطالبين. وإنما معنى {وَمُلْكٍ لا يَبْلَى} المقام في ملك الجنة، والخلود فيه.

الآية: 21 {وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ}

قوله تعالى: {وَقَاسَمَهُمَا} أي حلف لهما. يقال: أقسم إقساما؛ أي حلف. قال الشاعر:

وقاسمها بالله جهدا لأنتم ... ألذ من السلوى إذا ما نشورها

وجاء "فاعلت" من واحد. وهو يرد على من قال: إن المفاعلة لا تكون إلا من اثنين. وقد تقدم في "المائدة". {إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ} ليس {لَكُمَا} داخلا في الصلة. والتقدير: إني ناصح لكما لمن الناصحين؛ قاله هشام النحوي. وقد تقدم مثله في "البقرة". ومعنى الكلام: اتبعاني أرشدكما؛ ذكره قتادة.

الآيات: 22 - 24 {فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ}

(7/179)

________________________________________

قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ، قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ}

قوله تعالى: {فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ} أوقعهما في الهلاك. قال ابن عباس: غرهما باليمين. وكان يظن آدم أنه لا يحلف أحد بالله كاذبا، فغررهما بوسوسته وقسمه لهما. وقال قتادة: حلف بالله لهما حتى خدعهما. وقد يخدع المؤمن بالله. كان بعض العلماء يقول: من خادعنا بالله خدعنا. وفي الحديث عنه صلى: "المؤمن غر كريم والفاجر خب لئيم". وأنشد نفطويه:

إن الكريم إذا تشاء خدعته ... وترى اللئيم مجربا لا يخدع

{فَدَلَّاهُمَا} يقال: أدلى دلوه: أرسلها. ودلاها: أخرجها. وقيل: {دَلَّاهُمَا} أي دللهما؛ من الدالة وهي الجرأة. أي جرأهما على المعصية فخرجا من الجنة.

قوله تعالى {فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ}

فيه ثلاث مسائل:-

الأولى: قوله تعالى: { فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ} أي أكلا منها. {بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا} أكلت حواء أولا فلم يصبها شيء؛ فلما أكل آدم حلت العقوبة؛ لأن النهي ورد عليهما كما تقدم في "البقرة". قال ابن عباس: تقلص النور الذي كان لباسهما فصار أظفارا في الأيدي والأرجل.

الثانية:- قوله تعالى: {وَطَفِقَا} ويجوز إسكان الفاء. وحكى الأخفش طفق يطفق؛ مثل ضرب يضرب. يقال: طفق، أي أخذ في الفعل. {يَخْصِفَانِ} وقرأ الحسن بكسر الخاء

(7/180)

________________________________________

وشد الصاد. والأصل {يَخْتَصِفَانِ} فأدغم، وكسر الخاء لالتقاء الساكنين. وقرأ ابن بريدة ويعقوب بفتح الخاء، ألقيا حركة التاء عليها. ويجوز {يُخصِّفان} بضم الياء، من خصف يخصف. وقرأ الزهري {يُخصِفانِ} من أخصف. وكلاهما منقول بالهمزة أو التضعيف والمعنى: يقطعان الورق ويلزقانه ليستترا به، ومنه خصف النعل. والخصاف الذي يرقعها. والمخصف المثقب. قال ابن عباس: هو ورق التين. ويروى أن آدم عليه السلام لما بدت سوأته وظهرت عورته طاف على أشجار الجنة يسل منها ورقة يغطي بها عورته؛ فزجرته أشجار الجنة حتى رحمته شجرة التين فأعطته ورقة. فـ {طَفِقَا} يعني آدم وحواء {يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ} فكافأ الله التين بأن سوى ظاهره وباطنه في الحلاوة والمنفعة وأعطاه ثمرتين في عام واحد مرتين.

الثالثة: وفي الآية دليل على قبح كشف العورة، وأن الله أوجب عليهما الستر؛ ولذلك ابتدرا إلى سترها، ولا يمتنع أن يؤمرا بذلك في الجنة؛ كما قيل لهما: {وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ} . وقد حكى صاحب البيان عن الشافعي أن من لم يجد ما يستر به عورته إلا ورق الشجر لزمه أن يستتر بذلك؛ لأنه سترة ظاهرة يمكنه التستر بها؛ كما فعل آدم في الجنة. والله أعلم.

قوله تعالى: {وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ} أي قال لهما: ألم أنهكما. قالا ربنا نداء مضاف. والأصل يا ربنا. وقيل. إن في حذف {يا} معنى التعظيم. فاعترفا بالخطيئة وتابا صلى الله عليهما وسلم وقد مضى في "البقرة". ومعنى قوله: {قُلْنَا اهْبِطُوا} تقدم أيضا إلى آخر الآية.

 

 

 

 

تفسير الدر المنثور

 

الأعراف - تفسير الدر المنثور

 

قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (12)

- أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {قَالَ أَنا خير مِنْهُ خلقتني من نَار وخلقته من طين} قَالَ: حسد عَدو الله إِبْلِيس آدم على مَا أعطَاهُ الله من الْكَرَامَة وَقَالَ: أَنا ناريٌّ وَهَذَا طينيٌّ فَكَانَ بَدْء الذُّنُوب الْكبر استكبر عَدو الله أَن يسْجد لآدَم فَأَهْلَكَهُ الله بكبره وحسده

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي صَالح قَالَ: خلق إِبْلِيس من نَار الْعِزَّة وخلقت الْمَلَائِكَة من نور الْعِزَّة

وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن فِي قَوْله {خلقتني من نَار وخلقته من طين} قَالَ: قَاس إِبْلِيس وَهُوَ أول من قَاس

وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية والديلمي عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن جده أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أول من قَاس أَمر الدّين بِرَأْيهِ إِبْلِيس

قَالَ الله لَهُ: اسجد لآدَم

فَقَالَ {أَنا خير مِنْهُ خلقتني من نَار وخلقته من طين} قَالَ جَعْفَر: فَمن قَاس أَمر الدّين بِرَأْيهِ قرنه الله تَعَالَى يَوْم الْقِيَامَة بإبليس لِأَنَّهُ اتبعهُ بِالْقِيَاسِ

 

- الْآيَة (13 - 15)

(3/425)

________________________________________

قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ (13) قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (14) قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (15)

- أخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ {فَمَا يكون لَك أَن تتكبر فِيهَا} يَعْنِي فَمَا يَنْبَغِي لَك أَن تتكبر فِيهَا

 

- الْآيَة (16)

(3/425)

________________________________________

قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16)

- أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم واللالكائي فِي السّنة عَن ابْن عَبَّاس {فبمَا أغويتني} قَالَ: أضللتني

(3/425)

________________________________________

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق بَقِيَّة عَن أَرْطَاة عَن رجل من أهل الطَّائِف فِي قَوْله {فبمَا أغويتني} قَالَ: عرف إِبْلِيس أَن الغواية جَاءَتْهُ من قبل الله فَآمن بِالْقدرِ

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {لأقعدن لَهُم صراطك الْمُسْتَقيم} قَالَ: الْحق

وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لأقعدن لَهُم صراطك الْمُسْتَقيم} قَالَ: طَرِيق مَكَّة

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن عون بن عبد الله {لأقعدنَّ لَهُم صراطك الْمُسْتَقيم} قَالَ: طَرِيق مَكَّة

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ من طَرِيق عون ابْن مَسْعُود

مثله

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: مَا من رفْقَة تخرج إِلَى مَكَّة إِلَّا جهز إِبْلِيس مَعَهم بِمثل عدتهمْ

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة يَقُول: أقعد لَهُم فأصدهم عَن سَبِيلك

وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن سُبْرَة بن الْفَاكِه سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن الشَّيْطَان قعد لِابْنِ آدم فِي طرقه فَقعدَ لَهُ بطرِيق الإِسلام فَقَالَ: تسلم وَتَذَر دينك وَدين آبَائِك فَعَصَاهُ فَأسلم ثمَّ قعد لَهُ بطرِيق الْهِجْرَة فَقَالَ لَهُ: أتهاجر وَتَذَر أَرْضك وسماءك وَإِنَّمَا مثل المُهَاجر كالفرس فِي طوله فَعَصَاهُ فَهَاجَرَ ثمَّ قعد لَهُ بطرِيق الْجِهَاد فَقَالَ: هُوَ جهد النَّفس وَالْمَال فتقاتل فَتقْتل فَتنْكح الْمَرْأَة وَيقسم المَال فَعَصَاهُ فَجَاهد

قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَمن فعل ذَلِك مِنْهُم فَمَاتَ أَو وقصته دَابَّته فَمَاتَ كَانَ حَقًا على الله أَن يدْخلهُ الْجنَّة

 

- الْآيَة (17)

(3/426)

________________________________________

ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17)

- أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس {ثمَّ لآتينهم من بَين أَيْديهم} قَالَ: أشككهم فِي آخرتهم {وَمن خَلفهم} فأرغبهم فِي

(3/426)

________________________________________

دنياهم {وَعَن أَيْمَانهم} أشبه عَلَيْهِم أَمر دينهم {وَعَن شمائلهم} اسْتنَّ لَهُم الْمعاصِي وأخف عَلَيْهِم الْبَاطِل {وَلَا تَجِد أَكْثَرهم شاكرين} قَالَ: مُوَحِّدين

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {ثمَّ لآتينهم من بَين أَيْديهم} من قبل الدُّنْيَا {وَمن خَلفهم} من قبل الْآخِرَه {وَعَن أَيْمَانهم} من قبل حسناتهم {وَعَن شمائلهم} من قبل سيئاتهم

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {ثمَّ لآتينهم من بَين أَيْديهم} قَالَ لَهُم: أَن لَا بعث وَلَا جنَّة وَلَا نَار وَمن خَلفهم من أَمر الدُّنْيَا فزينها لَهُم ودعاهم إِلَيْهَا {وَعَن أَيْمَانهم} من قبل حسناتهم ابطأهم عَنْهَا {وَعَن شمائلهم} زين لَهُم السَّيِّئَات والمعاصي ودعاهم إِلَيْهَا وَأمرهمْ بهَا أَتَاك يَا ابْن آدم من قبل وَجهك غير أَنه لم يأتك من فَوْقك لَا يَسْتَطِيع أَن يكون بَيْنك وَبَين رَحْمَة الله

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير واللالكائي فِي السّنة عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: لم يسْتَطع أَن يَقُول: من فَوْقهم

علم أَن الله فَوْقهم

وَفِي لفظ: لِأَن الرَّحْمَة تنزل من فَوْقهم

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة قَالَ: يَأْتِيك يَا ابْن آدم من كل جِهَة غير أَنه لَا يَسْتَطِيع أَن يحول بَيْنك وَبَين رَحْمَة الله إِنَّمَا تَأْتِيك الرَّحْمَة من فَوْقك

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الشّعبِيّ قَالَ: قَالَ إِبْلِيس: لآتينَّهم من بَين أَيْديهم وَمن خَلفهم وَعَن إِيمَانهم وَعَن شمائلهم

قَالَ الله: أنزل عَلَيْهِم الرَّحْمَة من فَوْقهم

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي صَالح فِي قَوْله {ثمَّ لآتينهم من بَين أَيْديهم} من سبل الْحق {وَمن خَلفهم} من سبل الْبَاطِل {وَعَن أَيْمَانهم} من أَمر الْآخِرَه {وَعَن شمائلهم} من الدُّنْيَا

وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم عَن ابْن عمر قَالَ: لم يكن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَدْعُو هَذِه الدَّعْوَات حِين يصبح وَحين يُمْسِي اللَّهُمَّ احفظني من بَين يَدي وَمن خَلْفي وَعَن يَمِيني وَعَن شمَالي وَمن فَوقِي وَأَعُوذ بعظمتك أَن أغتال من تحتي

  - الْآيَة (18 - 19) قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ (18) وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (19)

- أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {قَالَ أخرج مِنْهَا مذؤوما} قَالَ: ملوماً {مَدْحُورًا} قَالَ: مقيتاً

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {مذؤوما} قَالَ: مذموماً {مَدْحُورًا} قَالَ: منفياً

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {مذؤوما} قَالَ: منفياً {مَدْحُورًا} قَالَ: مطروداً

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {مذؤوما} قَالَ: معيبا {مَدْحُورًا} قَالَ: منفياً - الْآيَة (20 - 25

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ج33. كتاب مفاتيح الغيب لفخر الدين محمد بن عمر التميمي الرازي الشافعي

  ج33. كتاب   مفاتيح الغيب لفخر الدين محمد بن عمر التميمي الرازي الشافعي وقوله إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ يقتضي الاستقبال إ...