القران كاملا مشاري

حمل المصحف بكل صيغه

 حمل المصحف

Translate

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 1 يناير 2023

تفسير الايات من 68 الي 73.من الاعراف

 


 

أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ (68) أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (69) قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (70) قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (71) فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ (72) وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73)

الأعراف - تفسير ابن كثير 

أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ (68) أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آَلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (69)

{ أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ (68) أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (69) }

يقول تعالى: وكما أرسلنا إلى قوم نوح نوحًا، كذلك أرسلنا إلى عاد أخاهم هودًا.

قال محمد بن إسحاق: هم [من] (1) ولد عاد بن إرم بن عوص بن سام بن نوح.

قلت: وهؤلاء هم عاد الأولى، الذين ذكرهم الله [تعالى] (2) وهم أولاد عاد بن إرم الذين كانوا يأوون إلى العَمَد في البر، كما قال تعالى: { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ } [ الفجر:6-8 ] وذلك لشدة بأسهم وقوتهم، كما قال تعالى: { فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ } [ فصلت:15 ] .

وقد كانت مساكنهم باليمن بالأحقاف، وهي جبال الرمل.

__________

(1) زيادة من م.

(2) زيادة من أ.

قال محمد بن إسحاق، عن محمد بن عبد الله بن أبي سعيد الخزاعي، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، سمعت علي بن أبي طالب [رضي الله عنه] (1) يقول لرجل من حضرموت : هل رأيت كثيبا أحمر تخالطه مَدَرَة حمراء ذا أرَاكٍ وسدْر كثير بناحية كذا وكذا من أرض حضرموت، هل رأيته؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين. والله إنك لتنعته نعتَ رجل قد رآه. قال: لا ولكني قد حدِّثتُ عنه. فقال الحضرمي: وما شأنه يا أمير المؤمنين؟ قال: فيه قبرُ هود، عليه السلام.

رواه ابن جرير (2) وهذا فيه فائدة أن مساكنهم كانت باليمن، وأن هودا، عليه السلام، دفن هناك، وقد كان من أشرف (3) قومه نسبا؛ لأن الرسل [صلوات الله عليهم] (4) إنما يبعثهم الله من أفضل القبائل وأشرفهم، ولكن كان قومه كما شُدّد خلقهم شُدِّد على قلوبهم، وكانوا من أشد الأمم تكذيبا للحق؛ ولهذا دعاهم هود، عليه السلام، إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وإلى طاعته وتقواه.

{ قَالَ الْمَلأ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ } -والملأ هم: الجمهور والسادة والقادة منهم -: { إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ } أي: في ضلالة حيث دعوتنا إلى ترك عبادة الأصنام، والإقبال إلى عبادة الله وحده [لا شريك له] (5) كما تعجب الملأ من قريش من الدعوة إلى إله واحد { فقالوا } { أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا [إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (6) ] } [ صّ : 5 ] .

{ قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ } أي: ليست كما تزعمون، بل جئتكم بالحق من الله الذي خلق كل شيء، فهو رب كل شيء ومليكه { أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ } وهذه الصفات التي يتصف بها الرسل البلاغة والنصح والأمانة.

{ أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ } أي: لا تعجبوا أن بعث الله إليكم رسولا من أنفسكم لينذركم أيام الله ولقاءه، بل احمدوا الله على ذاكم، { وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ } أي: واذكروا نعمة الله عليكم إذ جعلكم من ذرية نوح، الذي أهلك الله أهل الأرض بدعوته، لما خالفوه وكذبوه، { وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً } أي: زاد طولكم على الناس بسطة، أي: جعلكم أطول من أبناء جنسكم، كما قال تعالى: في قصة طالوت: { وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ } [ البقرة:247 ]{ فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ } أي: نعمه ومنَنه عليكم { لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [وألاء جمع ألى وقيل: إلى] (7)

__________

(1) زيادة من أ.

(2) تفسير الطبري (12/507).

(3) في م، ك: "أشراف".

(4) زيادة من أ.

(5) زيادة من ك.

(6) زيادة من ك، م. وفي هـ: "الآية"

(7) زيادة من ك، م.

قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (70) قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (71) فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ (72)

{ قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (70) قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا نزلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (71) فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ (72) }

يقول تعالى مخبرا عن تمردهم وطغيانهم وعنادهم وإنكارهم على هود، عليه السلام: { قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ [ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ] } (1) كما قال الكفار من قريش: { وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [ الأنفال:32 ]

وقد ذكر محمد بن إسحاق وغيره: أنهم كانوا يعبدون أصناما، فصنم يقال له: صُدَاء، وآخر يقال له: صمُود، وآخر يقال له: الهباء (2)

ولهذا قال هود، عليه السلام: { قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ } أي: قد وجب عليكم بمقالتكم هذه من ربكم رجس [وغضب] (3) قيل: هو مقلوب من رجز. وعن ابن عباس: معناه السخَط والغضب.

{ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ } أي: أتحاجوني (4) في هذه الأصنام التي سميتموها أنتم وآباؤكم آلهة، وهي لا تضر ولا تنفع، ولا جعل الله لكم على عبادتها حجة ولا دليلا؛ ولهذا قال: { مَا نزلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ }

وهذا تهديد ووعيد من الرسول لقومه؛ ولهذا عقب بقوله: { فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ }

وقد ذكر الله، سبحانه، صفة إهلاكهم في أماكن أخر من القرآن، بأنه أرسل عليهم الريح العقيم، ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم، كما قال في الآية الأخرى: { وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ * سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ * فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ } [الحاقة:6-8] لما تمردوا وعتوا أهلكهم الله بريح عاتية، فكانت تحمل الرجل منهم فترفعه في الهواء ثم تنكسه على أمّ رأسه فتثلغُ رأسه حتى تُبينه من بين جثته؛ ولهذا قال: { كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ }

وقال محمد بن إسحاق: كانوا يسكنون باليمن من (5) عمان وحضرموت، وكانوا مع ذلك قد==

__________

(1) زيادة من ك، م، وفي هـ: الآية".

(2) انظر: تفسير الطبري (12/507).

(3) زيادة من م.

(4) في م، د: "أتجادلونني".

(5) في م، ك: "بين".

== فشوا في الأرض وقهروا أهلها، بفضل قوتهم التي آتاهم الله، وكانوا أصحاب أوثان يعبدونها من دون الله، فبعث الله إليهم هودًا، عليه السلام، وهو من أوسطهم نسبا، وأفضلهم موضعًا، فأمرهم أن يوحدوا الله ولا يجعلوا معه إلها غيره، وأن يكفوا عن ظلم الناس، فأبوا عليه وكذبوه، وقالوا: من أشد منا قوة؟ واتبعه منهم ناس، وهم يسير مكتتمون بإيمانهم، فلما عتت عاد على الله وكذبوا نبيه، وأكثروا في الأرض الفساد وتجبروا، وبنوا بكل ريع آية عبثا بغير نفع، كلمهم هود فقال: { أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ * وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ * وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ } [الشعراء:128-131]{ قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ. إِنْ نَقُولُ إِلا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ } أي: بجنون { قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ * مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } [هود:53-56]

قال محمد بن إسحاق: فلما أبوا إلا الكفر به، أمسك الله عنهم القطر (1) ثلاث سنين، فيما يزعمون، حتى جهدهم ذلك، قال: وكان الناس إذا جهدهم أمر في ذلك الزمان، فطلبوا من الله الفرج فيه، إنما يطلبونه بحُرْمة ومكان بيته، وكان معروفا عند المِلَل (2) وبه العماليق مقيمون، وهم من سلالة عمليق بن لاوَذَ بن سام بن نوح، وكان سيدهم إذ ذاك رجلا يقال له: "معاوية بن بكر" ، وكانت له أم (3) من قوم عاد، واسمها كلهدة (4) ابنة الخيبري، قال: فبعثت عاد وفدًا قريبا من سبعين رجلا إلى الحرم، ليستسقوا لهم عند الحرم، فمروا بمعاوية بن بكر بظاهر مكة فنزلوا عليه، فأقاموا عنده شهرا يشربون الخمر وتغنيهم الجرادتان -قينتان لمعاوية -وكانوا قد وصلوا إليه في شهر، فلما طال مقامهم عنده وأخذته شفقة على قومه، واستحيا منهم أن يأمرهم بالانصراف، عمل شعرا يعرض لهم بالانصراف، وأمر القينتين أن تغنياهم به، فقال:

ألا يا قيل ويحك قُْم فَهَيْنم ... لعلّ الله يُصْبحُنَا غَمَاما ...

فَيَسْقي أرضَ عادٍ إنّ عادًا ... قَد امْسَوا لا يُبِينُونَ الكَلاما

من العطش الشديد فليس نَرجُو ..به الشيخَ الكبيرَ ولا الغُلاما ...

وَقَْد كانَت نساؤهُم بخيرٍ .. فقد أمست (5) نِسَاؤهم عَيَامى

وإنّ الوحشَ تأتيهمْ جِهارا ... ولا تَخْشَى لعاديَ سِهَاما ...

وأنتم هاهُنَا فيما اشتَهَيْتُمْ ... نهارَكُمُ وَلَيْلَكُمُ التماما ...

فقُبّحَ وَفُْدكم من وَفْدِ قَوْمٍ ... ولا لُقُّوا التحيَّةَ والسَّلاما ...

__________

(1) في م: "القطر عنهم".

(2) في ك، م: " عند أهل ذلك الزمان"

(3) في م: "وكانت أمه".

(4) في ك، م: "جلهدة".

(5) في أ: "فأصبحت".

 

قال: فعند ذلك تنبه القوم لما جاءوا له، فنهضوا إلى الحرم، ودعوا لقومهم فدعا داعيهم، وهو: "قيل بن عنز" فأنشأ الله سحابات ثلاثا: بيضاء، وسوداء، وحمراء، ثم ناداه مناد من السماء: "اختر لنفسك -أو: -لقومك من هذا السحاب"، فقال: "اخترت هذه السحابة السوداء، فإنها أكثر السحاب ماء" فناداه مناد: اخترت رَمادا رِمْدَدًا، لا تبقي من عاد أحدا، لا والدًا تترك ولا ولدا، إلا جعلته هَمدا، إلا بني اللّوذيّة المهندًا (1) قال: وبنو اللوذية: بطن من عاد مقيمون (2) بمكة، فلم يصبهم ما أصاب قومهم -قال: وهم من بقي من أنسالهم (3) وذراريهم (4) عاد الآخرة -قال: وساق الله السحابة السوداء، فيما يذكرون، التي اختارها "قيل بن عنز" بما فيها من النقمة إلى عاد، حتى تخرج عليهم من واد يقال له: "المغيث"، فلما رأوها استبشروا، وقالوا: { هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا } يقول: { بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ * تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا } [الأحقاف:24 ، 25] أي: تهلك كل شيء مَرّت (5) به، فكان أول من أبصر ما فيها وعرف أنها ريح، فيما يذكرون، امرأة من عاد يقال لها: مَهْدد (6) فلما تبينت ما فيها صاحت، ثم صُعِقت. فلما أفاقت قالوا: ما رأيت يا مَهْدد (7) ؟ قالت (8) ريحا فيها شُهُب النار، أمامها رجال يقودونها. فسخرها الله عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما، كما قال الله. و "الحسوم": الدائمة -فلم تدع من عاد أحدًا إلا هلك واعتزل هُود، عليه السلام، فيما ذكر لي، ومن معه من المؤمنين في حظيرة، ما يصيبه ومن معه إلا ما تلين عليه الجلود، وتلْتذ الأنفس، وإنها لتمر على عاد بالطعن ما بين السماء والأرض، وتدمغهم بالحجارة.

وذكر تمام القصة بطولها، وهو سياق غريب (9) فيه فوائد كثيرة، وقد قال الله تعالى: { وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ } [هود:58]

وقد ورد في الحديث الذي رواه الإمام أحمد في مسنده قريب مما أورده محمد بن إسحاق بن يسار، رحمه الله.

قال الإمام أحمد: حدثنا زيد بن الحباب، حدثني أبو المنذر سلام بن سليمان النحوي، حدثنا عاصم بن أبي النَّجُود، عن أبي وائل، عن الحارث البكري قال: خرجت أشكو العلاء بن الحضرمي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمررت بالربذة فإذا عجوز من بني تميم منقطع بها، فقالت لي: يا عبد الله، إن لي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجة، فهل أنت مبلغي إليه؟ قال: فحملتها فأتيت المدينة، فإذا المسجد غاص بأهله، وإذا راية سوداء تخفق، وإذا بلال متقلد بسيف (10) بين يدي رسول الله صلى اللهعليه وسلم ، فقلت: ما شأن الناس؟ فقالوا: يريد أن يبعث عمرو بن العاص وجها. قال: فجلست، فدخل منزله -أو قال: رحله فاستأذنت عليه، فأذن لي، فدخلت فسلمت، قال: هل بينكم وبين تميم (11) شيء؟ قلت: نعم، وكانت لنا الدّبَرة عليهم، ومررت بعجوز من بني تميم منقطع بها، فسألتني أن أحملها إليك، 

(1) في م: "المهدي".

(2) في ك، م، أ: "مقيمين".

(3) في أ: "أنسابهم".

(4) في ك، م: "ذرياتهم".

(5) في ك، م: "أمرت".

(6) في ك، م، أ: "مهد".

(7) في ك، م، أ: "مهد".

(8) في ك، م: "فقالت".

(9) تفسير الطبري (12/507).

(10) في أ: "السيف".

(11) في أ: "وبين بني تميم".

وها هي بالباب. فأذن لها، فدخلت، فقلت: يا رسول الله، إن رأيت (1) أن تجعل بيننا وبين تميم حاجزًا، فاجعل الدهناء. فحميت العجوز واستوفزت، فقالت: يا رسول الله، فإلى أين يضطر مُضطَرُك (2) ؟ قال: قلت: إن مثلي مثل ما قال الأول: "معْزَى حَمَلت حتفها"، حملت هذه ولا أشعر أنها كانت لي خصما، أعوذ بالله وبرسوله (3) أن أكون كوافد عاد! قال: هيه، وما وافد عاد؟ -وهو أعلم بالحديث منه، ولكن يستطعمه -قلت: إن عادا قُحطوا فبعثوا وافدًا لهم يقال له: "قيل"، فمر بمعاوية بن بكر، فأقام عنده شهرا يسقيه الخمر وتغنيه جاريتان، يقال لهما: "الجرادتان"، فلما مضى (4) الشهر خرج إلى جبال مَهْرة، فقال: اللهم إنك تعلم أني لم أجئ إلى مريض فأداويه، ولا إلى أسير فأفاديه. اللهم اسق عادًا ما كنت تسقيه، فمرت به سحابات سُودُ، فنودي: منها "اختر". فأومأ إلى سحابة منها سوداء، فنودي منها: "خذها رمادا رِمْدِدا، لا تبقي من عاد أحدا". قال: فما بلغني أنه بُعث عليهم من الريح إلا قدر (5) ما يجري في خاتمي هذا، حتى، هلكوا -قال أبو وائل: وصدق -قال: وكانت المرأة والرجل إذا بعثوا وافدًا لهم قالوا: "لا تكن كوافد عاد".

هكذا رواه الإمام أحمد في المسند، ورواه الترمذي، عن عبد بن حميد، عن زيد بن الحباب، به (6) نحوه: ورواه النسائي من حديث سلام بن أبي المنذر. عن عاصم -وهو ابن بَهْدَلة -ومن طريقه رواه ابن ماجه أيضا، عن أبي وائل، عن الحارث بن حسان البكري، به. ورواه ابن جرير عن أبي كُرَيْب عن زيد بن حُبَاب، به. ووقع عنده: "عن الحارث بن يزيد البكري" فذكره، ورواه أيضا عن أبي كريب، عن أبي بكر بن عياش، عن عاصم، عن الحارث بن يزيد البكري، فذكره (7) ولم أر في النسخة "أبا وائل"، والله أعلم.

(1) في أ: "أرأيت".

(2) في أ: "مطهرك".

(3) في ك، م: "ورسوله".

(4) في د: "قضى".

(5) في ك، م: "كقدر".

(6) المسند (3/482)، وسنن الترمذي برقم (3274).

(7) سنن النسائي الكبرى كما في تحفة الأشراف وسنن ابن ماجة برقم (3816) وتفسير الطبري (12/513، 516).

وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آَيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73)

{ وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73) } 

 الأعراف - تفسير القرطبي 

الآية: 68 {أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ}

الآية: 69 {أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}

قوله تعالى: {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً} أي وأرسلنا إلى عاد أخاهم هودا. قال ابن عباس أي ابن أبيهم. وقيل: أخاهم في القبيلة. وقيل: أي بشرا من بني أبيهم آدم

وفي مصنف أبي داود أن أخاهم هودا أي صاحبهم. وعاد من ولد سام بن نوح. قال ابن إسحاق: وعاد هو ابن عوص بن إرم بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح عليه السلام. وهود هو هود بن عبدالله بن رباح بن الجلود بن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح. بعثه الله إلى عاد نبيا. وكان من أوسطهم نسبا وأفضلهم حسبا. و{عَادٍ} من لم يصرفه جعله اسما للقبيلة، ومن صرفه جعله اسما للحي. قال أبو حاتم: وفي حرف أبي وابن مسعود {عاد الأولى} [النجم: 50] بغير ألف. و{هُوداً}أعجمي، وانصرف لخفته؛ لأنه على ثلاثة أحرف. وقد يجوز أن يكون عربيا مشتقا من هاد يهود. والنصب على البدل. وكان بين هود ونوح فيما ذكر المفسرون سبعة آباء. وكانت عاد فيما روي ثلاث عشرة قبيلة، ينزلون الرمال، رمل عالج. وكانوا أهل بساتين وزروع وعمارة، وكانت بلادهم أخصب البلاد، فسخط الله عليهم فجعلها مفاوز. وكانت فيما روي بنواحي حضرموت إلى اليمن، وكانوا يعبدون الأصنام. ولحق هود حين أهلك قومه بمن آمن معه بمكة، فلم يزالوا بها حتى ماتوا. {إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ} أي في حمق وخفة عقل. قال:

مشين كما اهتزت رماح تسفهت ... أعاليها مر الرياح النواسم

وقد تقدم هذا المعنى في "البقرة". والرؤية هنا وفي قصة نوح قيل: هي من رؤية البصر. وقيل: ويجوز أن يراد بها الرأي الذي هو أغلب الظن.

قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ} {خُلَفَاءَ} جمع خليفة على التذكير والمعنى، وخلائف على اللفظ، من عليهم بأن جعلهم سكان الأرض بعد قوم نوح. {وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً} ويجوز {بصطة} بالصاد لأن بعدها طاء؛ أي طولا في الخلق وعظم الجسم. قال ابن عباس: كان أطولهم مائة ذراع، وأقصرهم ستين ذراعا. وهذه الزيادة كانت على خلق آبائهم. وقيل: على خلق قوم نوح. قال وهب: كان رأس أحدهم مثل قبة عظيمة، وكان عين الرجل يفرخ فيها السباع، وكذلك مناخرهم. وروى شهر بن حوشب عن أبي هريرة قال: أن كان الرجل من قوم عاد يتخذ المصراعين من حجارة لو اجتمع عليها خمسمائة رجل من هذه الأمة لم يطيقوه، وأن كان أحدهم ليغمز برجله الأرض فتدخل فيها. {فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ} أي نعم الله، واحدها إلى وإلي وإلو وألى. كالآناء واحدها إنى وإني وإنو وأنى. {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} تقدم.

الآيتان: 70 - 71 - 72 {قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ، قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ، فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ}

طلبوا العذاب الذي خوفهم به وحذرهم منه. فقال لهم: {قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ} ومعنى وقع أي وجب. يقال: وقع القول والحكم أي وجب ! ومثله: {وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ} [الأعراف: 134]. أي نزل بهم. {وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ} [النمل: 82]. والرجس العذاب وقيل: عني بالرجس الرين على القلب بزيادة الكفر. {أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ} يعني الأصنام التي عبدوها، وكان لها أسماء مختلفة. {مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ} أي من حجة لكم في عبادتها. فالاسم هنا بمعنى المسمى. نظيره {إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا} [النجم: 23]. وهذه الأسماء مثل العزى من العز والأعز واللات، وليس لها من العز والإلهية شيء. {دَابِرَ} آخر. وقد تقدم. أي لم يبق لهم بقية

الآية: 73 {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}

هو ثمود بن عاد بن إرم بن سام بن نوح. وهو أخو جديس، وكانوا في سعة من معايشهم؛ فخالفوا أمر الله وعبدوا غيره، وأفسدوا في الأرض. فبعث الله إليهم صالحا نبيا، وهو صالح بن عبيد بن آسف بن كاشح بن عبيد بن حاذر بن ثمود. وكانوا قوما عربا. وكان صالح من أوسطهم نسبا وأفضلهم حسبا فدعاهم إلى الله تعالى حتى شمط ولا يتبعه. منهم إلا قليل مستضعفون. ولم ينصرف {ثَمُودَ} لأنه جعل اسما للقبيلة. وقال أبو حاتم: لم ينصرف، لأنه اسم أعجمي. قال النحاس: وهذا غلط؛ لأنه مشتق من الثمد وهو الماء القليل. وقد قرأ القراء {أَلا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ} [هود: 68] على أنه اسم للحي. وكانت مساكن ثمود الحجر بين الحجاز والشام إلى وادي القرى. وهم من ولد سام بن نوح. وسميت ثمود لقلة مائها. وسيأتي بيانه في "الحجر" إن شاء الله تعالى.

قوله تعالى: {هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً} أخرج لهم الناقة حين سألوه من حجر صلد؛ فكان لها يوم تشرب فيه ماء الوادي كله، وتسقيهم مثله لبنا لم يشرب قط ألذ وأحلى منه. وكان بقدر حاجتهم على كرتهم؛ قال الله تعالى: {لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ} [الشعراء: 155]. وأضيفت الناقة إلى الله عز وجل على جهة إضافة الخلق إلى الخالق. وفيه معنى التشريف والتخصيص.

قوله تعالى: {فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ} أي ليس عليكم رزقها ومؤونتها.  

تفسير /الأعراف - في تفسير الدر المنثور 

وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (65) قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (66) قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (67) أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ (68) أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (69) قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (70) قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (71)

- أخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِلَى عَاد أَخَاهُم هوداً} قَالَ: لَيْسَ بأخيهم فِي الدّين وَلكنه أخوهم فِي النّسَب فَلذَلِك جعله أَخَاهُ لِأَنَّهُ مِنْهُم

وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر عَن الشرفي بن قطامى قَالَ: هود اسْمه عَابِر بن شالخ بن ارفشخد بن سَام بن نوح 0 وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: يَزْعمُونَ أَن هوداً من بني عبد الضخم من حَضرمَوْت 0 وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق عَطاء عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ هود أول من تكلم بالعربيه وَولد لهود أَرْبَعَة: قحطان ومقحط وقاحط وفالغ فَهُوَ أَبُو مُضر وقحطان أَبُو الْيمن وَالْبَاقُونَ لَيْسَ لَهُم نسل 0 وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق مقَاتل عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس وَمن طَرِيق إِبْنِ اسحق عَن رجال سماهم وَمن طَرِيق الْكَلْبِيّ قَالُوا جَمِيعًا: إِن عاداً كَانُوا أَصْحَاب أوثان يعبدونها اتَّخذُوا أصناماً على مِثَال ودَّ وسواع ويغوث ونسر فاتخذوا صنماً يُقَال لَهُ: صمود وصنما يُقَال لَهُ: الهتار فَبعث الله إِلَيْهِم هوداً وَكَانَ هود من قَبيلَة يُقَال لَهَا الخلود وَكَانَ من أوسطهم نسبا وأصبحهم وَجها وَكَانَ فِي مثل أَجْسَادهم أَبيض بعد أبادي العنفقة طَوِيل اللِّحْيَة فَدَعَاهُمْ إِلَى الله وَأمرهمْ أَن يوحدوه وَأَن يكفوا عَن ظلم النَّاس وَلم  يَأْمُرهُم بِغَيْر ذَلِك وَلم يدعهم إِلَى شَرِيعَة وَلَا إِلَى صَلَاة فَأَبَوا ذَلِك وكذبوه وَقَالُوا: من أَشد منا قوّة فَذَلِك قَوْله تَعَالَى {وَإِلَى عَاد أَخَاهُم هوداً} كَانَ من قَومهمْ وَلم يكن أَخَاهُم فِي الدّين {قَالَ يَا قوم اعبدوا الله} يَعْنِي وحدوا الله {وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئا} مَا لكم يَقُول: لَيْسَ لكم {من إِلَه غَيره أَفلا تَتَّقُون} يَعْنِي فَكيف لَا تَتَّقُون {واذْكُرُوا إِذْ جعلكُمْ خلفاء} يَعْنِي سكاناً فِي الأَرْض {من بعد قوم نوح} فَكيف لَا تعتبرون فتؤمنوا وَقد علمْتُم مَا نزل بِقوم نوح من النقمَة حِين عصوه {فاذكروا آلَاء الله} يَعْنِي هَذِه النعم {لَعَلَّكُمْ تفلحون} أَي كي تُفْلِحُوا وَكَانَت مَنَازِلهمْ بالأحقاف والأحقاف: الرمل 0 فِيمَا بَين عمان إِلَى حَضرمَوْت بِالْيمن وَكَانُوا مَعَ ذَلِك قد أفسدوا فِي الأَرْض كلهَا وقهروا أَهلهَا بِفضل قوّتهم الَّتِي آتَاهُم الله 0 وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن خثيم قَالَ: كَانَت عَاد مَا بَين الْيمن إِلَى الشَّام مثل الذَّر 0 وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ 0 إِن عَاد كَانُوا بِالْيمن بالأحقاف والأحقاف: هِيَ الرمال 0 وَفِي قَوْله {واذْكُرُوا إِذْ جعلكُمْ خلفاء من بعد قوم نوح} قَالَ: ذهب بِقوم نوح واستخلفكم بعدهمْ {وزادكم فِي الْخلق بسطة} قَالَ: فِي الطول 0 وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن وهب قَالَ: كَانَ الرجل من عَاد سِتِّينَ ذِرَاعا بذراعهم وَكَانَ هَامة الرجل مثل الْقبَّة الْعَظِيمَة وَكَانَ عين الرجل ليفرخ فِيهَا السبَاع وَكَذَلِكَ مناخرهم 0 وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {وزادكم فِي الْخلق بسطة} قَالَ: ذكرلنا أَنهم كَانُوا اثْنَي عشر ذِرَاعا طوَالًا 0 وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: كَانَ الرجل مِمَّن كَانَ قبلكُمْ بَين مَنْكِبَيْه ميل 0 وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ الرجل فِي خلقه ثَمَانُون باعاً وَكَانَت الْبرة فيهم ككلية الْبَقر والرمانة الْوَاحِدَة يقْعد فِي قشرها عشرَة نفر 0 وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس {وزادكم فِي الْخلق بسطة} قَالَ: شدَّة  *

وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: إِن كَانَ الرجل من قوم عَاد ليتَّخذ المصراع من الْحِجَارَة لَو اجْتمع عَلَيْهِ خَمْسمِائَة من هَذِه الْأمة لم يستطيعوا أَن ينقلوه وَإِن كَانَ أحدهم ليدْخل قدمه فِي الأَرْض فَتدخل فِيهَا 0 وَأخرج الزبير بن بكار فِي الموفقيات عَن ثَوْر بن زيد الديلمي قَالَ: قَرَأت كتابا: انا شَدَّاد بن عَاد انا الَّذِي رفعت الْعِمَاد وانا الَّذِي سددت بَدْرًا عَن بطن وَاد وانا الَّذِي كنزت كنزاً فِي الْبَحْر على تسع أَذْرع لَا يُخرجهُ إِلَّا أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم 0 وَأخرج ابْن بكار عَن ثَوْر بن زيد قَالَ: جِئْت الْيمن فَإِذا أَنا بِرَجُل لم أر أطول مِنْهُ قطّ فعجبت 0 قَالُوا: تعجب من هَذَا قلت: وَالله مَا رَأَيْت أطول من ذَا قطّ قَالُوا: فو الله لقد ساقاً أَو ذِرَاعا فذرعناها بِذِرَاع هَذَا فَوَجَدْنَاهَا سِتّ عشرَة ذِرَاعا 0 وَأخرج الزبير بن بكار عَن زيد بن أسلم قَالَ: كَانَ فِي الزَّمن الأول تمْضِي أَرْبَعمِائَة سنة وَلم يسمع فِيهَا بِجنَازَة 0 وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {آلَاء الله} قَالَ: نعم الله 0 وَفِي قَوْله {رِجْس} قَالَ: سخط 0 وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله {قد وَقع عَلَيْكُم من ربكُم رِجْس} قَالَ: جَاءَهُم مِنْهُ عَذَاب والرجس: كُله عَذَاب فِي الْقُرْآن 0 وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله رِجْس وَغَضب قَالَ: الرجس: اللعنه وَالْغَضَب: الْعَذَاب 0 قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم

أما سَمِعت قَول الشَّاعِر وَهُوَ يَقُول: إِذا سنة كَانَت بِنَجْد مُحِيطَة وَكَانَ عَلَيْهِم رجسها وعذابها

تفسير - الْآيَة (72

فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ (72)

- أخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: لما أوحى الله إِلَى الْعَقِيم أَن تخرج على قوم عَاد فتنتقم لَهُ مِنْهُم فَخرجت بِغَيْر كيل على قدر منخر ثَوْر حَتَّى رجفت الأَرْض مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب فَقَالَ الْخزَّان: رب لن نطيقها وَلَو خرجت على حَالهَا لأهلكت مَا بَين مَشَارِق الأَرْض وَمَغَارِبهَا فَأوحى الله إِلَيْهَا: أَن ارجعي 0 فَرَجَعت فَخرجت على قدر خرق الْخَاتم وَهِي الْحلقَة فَأوحى الله إِلَى هود: أَن يعتزل بِمن مَعَه من الْمُؤمنِينَ فِي حَظِيرَة فاعتزلوا وخطَّ عَلَيْهِم خطا وَأَقْبَلت الرّيح فَكَانَت لَا تدخل حَظِيرَة هود وَلَا تجَاوز الْخط إِنَّمَا يدْخل عَلَيْهِم مِنْهَا بِقدر مَا تلذ بِهِ أنفسهم وتلين عَلَيْهِ الْجُلُود وَإِنَّهَا لَتَمَرُّ من عَاد بالظعن بَين السَّمَاء وَالْأَرْض وتدمغهم بِالْحِجَارَةِ وَأوحى الله إِلَى الْحَيَّات والعقارب: أَن تَأْخُذ عَلَيْهِم الطّرق فَلم تدع عادياً يجاوزهم 0 وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن وهب قَالَ: لما أرسل الله الرّيح على عَاد اعتزل هود وَمن مَعَه من الْمُؤمنِينَ فِي حَظِيرَة مَا يصيبهم من الرّيح إِلَّا مَا تلين عَلَيْهِ الْجُلُود وتلتذه الْأَنْفس وَإِنَّهَا لتمر بالعادي فتحمله بَين السَّمَاء وَالْأَرْض وتدمغه بِالْحِجَارَةِ 0 وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله {وقطعنا دابر الَّذين كذبُوا} قَالَ: استأصلناهم 0 وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن هزين بن حَمْزَة قَالَ: سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ربه أَن يرِيه رجلا من قوم عَاد فكشف الله لَهُ عَن الغطاء فَإِذا رَأسه بِالْمَدِينَةِ وَرجلَاهُ بِذِي الحليفة أَرْبَعَة أَمْيَال طوله 0 وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق سَالم بن أبي الْجَعْد عَن عبد الله قَالَ: ذكر الْأَنْبِيَاء عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا ذكر هود قَالَ ذَاك خَلِيل الله

وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما حجَّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر بوادي عسفان فَقَالَ لقد مر بِهِ هود وَصَالح على بكرات حمر خطمهن الليف أزرهم العباء وأرديتهم النمار يلبون ويحجون الْبَيْت الْعَتِيق

وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن سابط قَالَ: بَين الْمقَام والركن وزمزم قُبِرَ تِسْعَة وَسَبْعُونَ نَبيا وان قبر نوح وَهود وَشُعَيْب وَصَالح وإسمعيل فِي تِلْكَ الْبقْعَة 0 وَأخرج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِر عَن إِسْحَق بن عبد الله بن أبي فَرْوَة قَالَ: مَا يعلم قبر نَبِي من الْأَنْبِيَاء إِلَّا ثَلَاثَة 0 قبر اسمعيل فَإِنَّهُ تَحت الْمِيزَاب بَين الرُّكْن وَالْبَيْت وقبر هود فَإِنَّهُ فِي حقف تَحت جبل من جبال الْيمن عَلَيْهِ شَجَرَة وموضعه أَشد الأَرْض حرا وقبر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِن هَذِه قُبُورهم حق  *

وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَابْن جرير وَابْن عَسَاكِر عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: قبر هود بحضرموت فِي كثيب أَحْمَر عِنْد رَأسه سِدْرَة 0 وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عُثْمَان بن أبي العاتكة قَالَ: قبْلَة مَسْجِد دمشق قبر هود عَلَيْهِ السَّلَام 0 وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: كَانَ عمر هود أَرْبَعمِائَة واثنتين وَسبعين سنة 0 وَأخرج الزبير بن بكار فِي الموفقيات عَن عبد الله بن عَمْرو بن العَاصِي قَالَ: عجائب الدُّنْيَا أَرْبَعَة 0 مرْآة كَانَت معلقَة بمنارة الاسكندرية فَكَانَ يجلس الْجَالِس تحتهَا فيبصر من بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ وَبَينهمَا عرض الْبَحْر وَفرس كَانَ من نُحَاس بِأَرْض الأندلس قَائِلا بكفه كَذَا باسطاً يَده أَي لَيْسَ خَلْفي مَسْلَك فَلَا يطَأ تِلْكَ الْبِلَاد أحد إِلَّا أَكلته النَّمْل ومنارة من نُحَاس عَلَيْهَا رَاكب من نُحَاس بِأَرْض عَاد فَإِذا كَانَت الْأَشْهر الْحرم هطل مِنْهُ المَاء فَشرب النَّاس وَسقوا وَصبُّوا فِي الْحِيَاض فَإِذا انْقَطَعت الْأَشْهر الْحرم انْقَطع ذَلِك المَاء وشجرة من نُحَاس عَلَيْهَا سودانية من نُحَاس بِأَرْض رُومِية إِذا كَانَ أَوَان الزَّيْتُون صفرت السودانية الَّتِي من نُحَاس فتجيء كل سودانية من الطيارات بِثَلَاث زيتونات زيتونتين برجليها وزيتونة بمنقارها حَتَّى تلقيه على تِلْكَ السودانية النّحاس فيعصر أهل رُومِية مَا يكفيهم لأدامهم وسرجهم شتويتهم إِلَى قَابل 0

 

التدوين 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ج33. كتاب مفاتيح الغيب لفخر الدين محمد بن عمر التميمي الرازي الشافعي

  ج33. كتاب   مفاتيح الغيب لفخر الدين محمد بن عمر التميمي الرازي الشافعي وقوله إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ يقتضي الاستقبال إ...