القران كاملا مشاري

حمل المصحف بكل صيغه

 حمل المصحف

Translate

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 1 يناير 2023

. سورة الأعراف - الآيات: 38 ــ 43..

 

قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ (38) وَقَالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (39) إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ (40) لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (41) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (42) وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (43)

تفسير ابن كثير /الأعراف - تفسير ابن كثير 

قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآَتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ (38) وَقَالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (39)

{ قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالإنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأولاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لا تَعْلَمُونَ (38) وَقَالَتْ أُولاهُمْ لأخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (39) }

يقول تعالى مخبرًا عما يقوله لهؤلاء المشركين به، المفترين عليه المكذبين بآياته: { ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ } أي: من أشكالكم وعلى صفاتكم، { قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ } أي: من الأمم السالفة الكافرة، { مِنَ الْجِنِّ وَالإنْسِ فِي النَّارِ } يحتمل أن يكون بدلا من قوله: { فِي أُمَمٍ } ويحتمل أن يكون { فِي أُمَمٍ } أي: مع أمم.

وقوله: { كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا } كما قال الخليل، عليه السلام: { ثُمّ (1) َ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ [ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ] } (2) الآية [ العنكبوت:25 ]. وقوله تعالى: { إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأسْبَابُ * وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ } [ البقرة:166 ، 167 ].

(1) في د، ك، م: "ويوم".
(2) زيادة من ك، م، أ.
(3/410)

إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ (40) لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (41)

وقوله [تعالى] (1) { حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا } أي: اجتمعوا فيها كلهم، { قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأولاهُمْ } أي: أخراهم دخولا -وهم الأتباع -لأولاهم -وهم المتبوعون -لأنهم أشد جرمًا من أتباعهم، فدخلوا قبلهم، فيشكوهم (2) الأتباع إلى الله يوم القيامة؛ لأنهم هم الذين أضلوهم عن سواء السبيل، فيقولون: { رَبَّنَا هَؤُلاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ } أي: أضعف عليهم العقوبة، كما قال تعالى: { يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا * وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ [ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا (3) ] } [الأحزاب:66-68 ]

وقوله: { قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لا تَعْلَمُونَ } أي: قد فعلنا ذلك وجازينا كلا بحسبه، كما قال تعالى: { الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا [ فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ (4) ] } [ النحل:88 ] وقال تعالى: { وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالا مَعَ أَثْقَالِهِمْ [ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ (5) ] } [ العنكبوت:13 ] وقال: { وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ [ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ (6) ] } [ النحل:25 ]

{ وَقَالَتْ أُولاهُمْ لأخْرَاهُمْ } أي: قال المتبوعون للأتباع: { فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ } قال السدي: فقد ضللتم كما ضللنا.

{ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ } وهذا الحال كما أخبر الله تعالى عنهم في حال محشرهم، في قوله تعالى: { وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ * قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ * وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الأغْلالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } [ سبأ:31-33 ]

{ إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ (40) لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (41) }

قوله: { لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ } قيل: المراد: لا يرفع لهم منها عمل صالح ولا دعاء.



(1) زيادة من م.

(2) في أ: "فيشكونهم".

(3) زيادة من ك، م، أ. وفي هـ: "الآية".

(4) زيادة من ك، م، أ. وفي هـ: "الآية".

(5) زيادة من أ. وفي هـ: "الآية".

(6) زيادة من ك، م، أ. وفي هـ: "الآية".  (3/411)

قاله مجاهد، وسعيد بن جبير. ورواه العَوْفي وعلي بن أبي طلحة، عن ابن عباس. وكذا رواه الثوري، عن ليْث، عن عطاء، عن ابن عباس.

وقيل: المراد: لا تفتح لأرواحهم أبواب السماء.

رواه الضحاك، عن ابن عباس. وقاله السُّدِّي وغير واحد، ويؤيده ما قال ابن جرير: حدثنا أبو كُرَيْب، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن الأعمش، عن المِنْهَال -هو ابن عمرو -عن زاذان، عن البراء؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر قَبْض روح الفاجر، وأنه يُصْعَد بها إلى السماء، قال: "فيصعدون بها، فلا تمر على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذه الروح الخبيثة؟ فيقولون: فلان، بأقبح أسمائه التي كان يُدْعَى بها في الدنيا، حتى ينتهوا بها إلى السماء، فيستفتحون بابها له فلا يفتح له". ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: { لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ [ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ ] } (1) الآية.

هكذا رواه، وهو قطعة من حديث طويل رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه، من طرق، عن المنهال بن عمرو، به (2) وقد رواه الإمام أحمد بطوله فقال:

حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش عن مِنْهَال بن عمرو، عن زاذان، عن البراء بن عازب [رضي الله عنه] (3) قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار، فانتهينا إلى القبر ولَمَّا يُلْحَد. فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلسنا حوله كأن على رءوسنا الطير، وفي يده عود ينكت به في الأرض، فرفع رأسه فقال: "استعيذوا بالله من عذاب القبر". مرتين أو ثلاثًا ثم قال: "إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا، وإقبال إلى الآخرة نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه، كأن وجوههم الشمس، معهم كفن من أكفان الجنة، وحَنُوط من حَنُوط الجنة، حتى يجلسوا منه مدّ بصره. ثم يجيء ملك الموت، حتى يجلس عند رأسه فيقول: أيتها النفس الطيبة (4) اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان".

قال: "فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء، فيأخذها فإذا أخذها لم يَدَعوها (5) في يده طرفة عين، حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن، وفي ذلك الحنوط. ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض. فيصعدون بها فلا يمرون -يعني-بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروح الطيب؟ فيقولون: فلان بن فلان، بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا، حتى ينتهوا به إلى السماء الدنيا، فيستفتحون له، فيفتح له، فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها، حتى ينتهي بها إلى السماء السابعة، فيقول الله، عز وجل: اكتبوا كتاب عبدي في عِليِّين، وأعيدوه إلى الأرض، فإني منها خلقتهم، وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى"


(1) زيادة من ك، م، أ.

(2) تفسير الطبري (12/424)، وسنن أبي داود برقم (4753)، وسنن النسائي (4/78)، وسنن ابن ماجة برقم (1548).

(3) زيادة من ك، أ.

(4) في ك، م: "المطمئنة".

(5) في ك: "يدعها". (3/412)

  قال: "فتعاد روحه، فيأتيه مَلَكان فيجلسانه فيقولان له: من ربك؟ فيقول: ربي الله. فيقولان له ما دينك؟ فيقول: ديني الإسلام. فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هو رسول الله صلى الله عليه وسلم. فيقولان له: وما علمك؟ فيقول: قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت. فينادي مناد من السماء: أن صدق عبدي، فأفرشوه من الجنة، وألبسوه من الجنة، وافتحوا له بابًا إلى الجنة". "فيأتيه (1) من روحها وطيبها، ويفسح له في قبره مَدّ بصره".

قال: "ويأتيه رجل حسن الوجه، حسن الثياب، طيب الريح، فيقول: أبشر بالذي يسُرك، هذا يومك الذي كنت توعد. فيقول له: من أنت؟ فوجهك الوجه يجيء بالخير. فيقول: أنا عملك الصالح. فيقول: رب أقم الساعة، رب أقم الساعة، حتى أرجع إلى أهلي ومالي".

قال: "وإن العبد الكافر، إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة (2) نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه معهم (3) المسوح، فيجلسون منه مَدّ البصر، ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه، فيقول: أيتها النفس الخبيثة، اخرجي إلى سخط الله وغضب". قال: "فَتُفَرّق في جسده، فينتزعها كما ينتزع السَّفُّود من الصوف المبلول، فيأخذها، فإذا أخذها لم يَدَعُوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح، ويخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض. فيصعدون بها، فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروح الخبيث؟ فيقولون: فلان ابن فلان، بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا، حتى ينتهي به إلى السماء الدنيا، فيستفتح له، فلا يفتح (4) ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: { لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ } فيقول الله، عز وجل: اكتبوا كتابه في سجّين في الأرض السفلى. فتطرح روحه طرحا". ثم قرأ: { وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ } [ الحج:31 ]

"فتعاد روحه في جسده. ويأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له: من ربك؟ فيقول: هاه هاه! لا أدري. فيقولان (5) ما دينك؟ فيقول: هاه هاه! لا أدري فيقولان (6) ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هاه هاه ! لا أدري. فينادي مناد من السماء: أن كذب، فأفرشوه من النار، وافتحوا له بابًا إلى النار. فيأتيه من حَرّها وسمومها، ويُضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه، ويأتيه رجل قبيح الوجه، قبيح الثياب، منتن الريح، فيقول: أبشر بالذي يسوؤك؛ هذا يومك الذي كنت توعد فيقول: من (7) أنت؟ فوجهك الوجه يجيء بالشر. فيقول: أنا عملك الخبيث. فيقول: رب لا تقم الساعة" (8

  1. (1) في ك، م، أ: "قال: فيأتيه".
  2. (2) في م: "إذا كان في انقطاع عن الآخرة وإقبال من الدنيا".
  3. (3) في م: "معهم السياط".
  4. (4) في م، أ: "فلا يفتح له".
  5. (5) في م، أ: "فيقولان له".
  6. (6) في م، أ: "فيقولان له".
  7. (7) في م: "ومن".
  8. (8) المسند (4/287).
  9. (3/413)
  10. ----------------------

وقال أحمد أيضا: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا مَعْمَر، عن يونس بن خَبَّاب، عن المِنْهال بن عمرو، عن زاذان، عن البراء بن عازب قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنازة، فذكر نحوه.

وفيه: "حتى إذا خرج روحه صلى عليه كل ملك من السماء والأرض، وكل ملك في السماء، وفتحت له أبواب السماء، ليس من أهل باب إلا وهم يدعون الله، عز وجل، أن يعرج بروحه من قبلهم".

وفي آخره: "ثم يقيض له أعمى أصم أبكم، في يده مَرْزَبَّة لو ضرب بها جبل كان ترابًا، فيضربه ضربة فيصير ترابًا، ثم يعيده الله، عز وجل، كما كان، فيضربه ضربة أخرى فيصيح صيحة يسمعها كل شيء إلا الثقلين". قال البراء: "ثم يفتح له باب من النار، ويمهد له فرش من النار" (1)

وفي الحديث الذي رواه الإمام أحمد، والنسائي، وابن ماجه وابن جرير -واللفظ له -من حديث محمد بن عمرو بن عطاء، عن سعيد بن يَسَار، عن أبي هريرة [رضي الله عنه] (2) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الميت تحضره الملائكة، فإذا كان الرجل الصالح قالوا: اخرجي أيتها النفس المطمئنة كانت في الجسد الطيب، اخرجي حَمِيدة، وأبشري برَوْح وريحان، ورب غير غضبان، فيقولون ذلك حتى يُعْرج بها إلى السماء، فيستفتح لها، فيقولون: من هذا؟ فيقولون: فلان. فيقال: مرحبًا بالنفس الطيبة التي كانت في الجسد الطيب، ادخلي حميدة، وأبشري برَوْح وريحان، ورب غير غضبان، فيقال لها ذلك حتى ينتهى به إلى السماء التي فيها الله، عز وجل. وإذا كان الرجل السَّوْء قالوا: اخرجي أيتها النفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث، اخرجي ذميمة، وأبشري بحميم وغَسّاق، وآخر من شكله أزواج، فيقولون ذلك حتى تخرج، ثم يعرج بها إلى السماء فيستفتح لها، فيقال: من هذا؟ فيقولون: فلان. فيقولون: لا مرحبًا بالنفس الخبيثة التي كانت في الجسد الخبيث، ارجعي ذميمة، فإنه لم تفتح (3) لك أبواب السماء، فترسل بين السماء والأرض، فتصير إلى القبر" (4)

وقد قال ابن جُرَيج في قوله: { لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ } قال: لا تفتح لأعمالهم، ولا لأرواحهم.

وهذا فيه جمع بين القولين، والله أعلم.

وقوله: { وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ } هكذا قرأه (5) الجمهور، وفسروه بأنه البعير. قال ابن مسعود: هو الجمل ابن الناقة. وفي رواية: زوج الناقة. وقال الحسن البصري: حتى يدخل البعير في خُرْق الإبرة. وكذا قال أبو العالية، والضحاك. وكذا روى علي بن أبي طلحة، والعَوْفي عن ابن عباس.

  1. (1) المسند (4/295).
  2. (2) زيادة من أ.
  3. (3) في ك: "يفتح".
  4. (4) المسند (2/364) وسنن النسائي الكبرى برقم (11442) وسنن ابن ماجة برقم (4262) وتفسير الطبري (12/424).
  5. (5) في د، ك، م: "فسره".

  وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (42) وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (43)

وقال مجاهد، وعكرمة، عن ابن عباس: أنه كان يقرؤها: "[حتى] (1) يلج الجُمَّل في سم الخياط" بضم الجيم، وتشديد الميم، يعني: الحبل الغليظ في خرم الإبرة.

وهذا اختيار سعيد بن جبير. وفي رواية أنه قرأ: "حتى يلج الجُمَّل" يعني: قُلُوس السفن، وهي الحبال الغلاظ.

وقوله: { لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ [ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ ] } (2) قال محمد بن كعب القُرَظِي: { لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ } قال: الفرش، { وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ } قال: اللحُفُ.

وكذا قال الضحاك بن مُزاحِم، والسُّدِّي، { وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ }

{ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (42) وَنزعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (43) }

لما ذكر تعالى حال الأشقياء (3) عطف بذكر حال السعداء، فقال: { وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } أي: آمنت قلوبهم وعملوا الصالحات بجوارحهم، ضد أولئك الذين كفروا بآيات الله، واستكبروا عنها.

وينبه (4) تعالى على أن الإيمان والعمل به سهل؛ لأنه تعالى قال: { لا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ . وَنزعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ } أي: من حسد وبغضاء، كما جاء في الصحيح للبخاري، من حديث قتادة، عن أبي المتوكِّل الناجي، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا خلص المؤمنون من النار حُبِسوا على قنطرة بين الجنة والنار، فاقتص لهم مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هُذبوا ونقوا، أذن لهم في دخول الجنة؛ فوالذي نفسي بيده، إن أحدهم بمنزله في الجنة أدلّ منه بمسكنه كان في الدنيا" (5)

وقال السُّدِّي في قوله: { وَنزعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأنْهَارُ } الآية: إن أهل الجنة إذا سبقوا إلى الجنة فبلغوا، وجدوا عند بابها شجرة في أصل ساقها عينان، فشربوا (6) من إحداهما، فينزع ما في صدورهم من غل، فهو "الشراب الطهور"، واغتسلوا من الأخرى، فجرت عليهم "نضرة النعيم" فلم يشعثوا ولم يشحبوا بعدها أبدًا.


  1. (1) زيادة من ك، م، أ.
  2. (2) زيادة من، م ، أ.
  3. (3) في أ: "ما للأشقياء".
  4. (4) في م، أ: "ونبه".
  5. (5) صحيح البخاري برقم (2440).
  6. (6) في م: "فيشربون".

  وقد روى أبو إسحاق، عن عاصم، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب نحوًا من ذلك (1) كما سيأتي في قوله تعالى: { وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا } [ الزمر : 73 ] إن شاء الله، وبه الثقة وعليه التكلان.

وقال قتادة: قال علي، رضي الله عنه: إني لأرجو أن أكون أنا وعثمان وطلحة والزبير من الذين قال الله تعالى فيهم: { وَنزعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ } رواه ابن جرير.

وقال عبد الرزاق: أخبرنا ابن عيينة، عن إسرائيل قال: سمعت الحسن يقول: قال علي: فينا والله أهل بدر نزلت: { وَنزعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ } (2)

وروى النسائي وابن مَرْدُويه -واللفظ له -من حديث أبي بكر بن عياش، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل أهل الجنة يرى مقعده من النار فيقول: لولا أن الله هداني، فيكون له شكرًا. وكل أهل النار يرى مقعده من الجنة فيقول: لو أن الله هداني فيكون له حسرة" (3)

ولهذا لما أورثوا مقاعد أهل النار من الجنة نودوا: { أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } أي: بسبب أعمالكم نالتكم الرحمة فدخلتم الجنة، وتبوأتم منازلكم بحسب أعمالكم. وإنما وجب الحمل على هذا لما ثبت في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "واعلموا أن أحدكم (4) لن يدخله عمله الجنة". قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: "ولا أنا، إلا أن يَتَغَمَّدَنِي الله برحمة منه وفضل" (5)



  1. (1) في ك، م، أ: "هذا".
  2. (2) تفسير عبد الرزاق (1/217).
  3. (3) سنن النسائي الكبرى كما في تحفة الأشراف للمزي برقم (12492) ورواه أحمد في مسنده (2/512) والحاكم في المستدرك (2/435) من طريق أبي بكر بن عياش به، وقال: "صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي.
  4. (4) في أ: "أحدا".
  5. (5) صحيح البخاري برقم (6463) وصحيح مسلم برقم (2816) من حديث أبي هريرة، رضي الله عنه. 

تفسير القرطبي-الأعراف - تفسير القرطبي

الآيتان: 38 - 39 {قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعاً قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لا تَعْلَمُونَ، وَقَالَتْ أُولاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ}

قوله تعالى: {قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ فِي النَّارِ} أي مع أمم؛ فـ {فِي} بمعنى مع. وهذا لا يمتنع؛ لأن قولك: زيد في القوم، أي مع القوم. وقيل: هي على بابها، أي ادخلوا في جملتهم. والقائل قيل: هو الله عز وجل، أي قال الله ادخلوا. وقيل: هو مالك خازن النار. {كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا} أي التي سبقتها إلى النار، وهي أختها في، الدين والملة. {حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعاً} أي اجتمعوا. وقرأ الأعمش {تداركوا} وهو الأصل، ثم وقع الإدغام فاحتيج إلى ألف الوصل. وحكاها المهدوي عن ابن مسعود. النحاس: وقرأ ابن مسعود {حتى إذا ادّرَكوا} أي أدرك بعضهم بعضا. وعصمة عن أبي عمرو {حتى إذا ادّاركوا} بإثبات الألف على الجمع بين الساكنين. وحكى: هذان عبدا الله. وله ثلثا المال. وعن أبي عمرو أيضا: {إذا إدّاركوا} بقطع ألف الوصل؛ فكأنه سكت على {إِذَا} للتذكر، فلما طال سكوته قطع ألف الوصل؛ كالمبتدئ بها. وقد جاء في الشعر قطع ألف الوصل نحو قوله:

يا نفس صبرا كل حي لاقي ... وكل اثنين إلى افتراق

وعن مجاهد وحميد بن قيس {حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا} بحذف ألف {إِذَا} لالتقاء الساكنين، وحذف الألف التي بعد الدال. {جَمِيعاً}نصب على الحال. {قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولاهُمْ} أي آخرهم دخولا وهم الأتباع لأولاهم وهم القادة. {رَبَّنَا هَؤُلاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ} فاللام في {لِأُولاهُمْ} لام أجل؛ لأنهم لم يخاطبوا أولاهم ولكن قالوا في حق أولاهم ربنا هؤلاء أضلونا. والضعف المثل الزائد على مثله مرة أو مرات. وعن ابن مسعود أن الضعف ههنا الأفاعي والحيات. ونظير هذه الآية {رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً} [الأحزاب: 68]. وهناك يأتي ذكر الضعف بأبشع من هذا وما يترتب عليه من الأحكام، إن شاء الله تعالى. {قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ} أي للتابع والمتبوع. {وَلَكِنْ لا يَعْلَمُونَ} على قراءة من قرأ بالياء؛ أي لا يعلم كل فريق ما بالفريق الآخر، إذ لو علم بعض من في النار أن عذاب أحد فوق عذابه لكان نوع سلوة له. وقيل: المعنى {وَلَكِنْ لا تَعْلَمُونَ} بالتاء، أي ولكن لا تعلمون أيها المخاطبون ما يجدون من العذاب. ويجوز أن يكون المعنى ولكن لا تعلمون يأهل الدنيا مقدار ما هم فيه من العذاب. {وَقَالَتْ أُولاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ} أي قد كفرتم وفعلتم كما فعلنا، فليس تستحقون تخفيفا من العذاب {فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ} .

الآية: 40 - 41 {إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ، لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ}

  قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ} أي لأرواحهم. جاءت بذلك أخبار صحاح ذكرناها في كتاب "التذكرة". 

= منها حديث البراء بن عازب، وفيه في قبض روح الكافر قال: ويخرج منها ريح كأنتن جيفة وجدت على وجه الأرض، فيصعدون بها فلا يمرون على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذه الروح الخبيثة. فيقولون فلان بن فلان، بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا، حتى ينتهوا بها إلى السماء الدنيا فيستفتحون فلا يفتح لهم، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: {لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ} الآية. 

=وقيل: لا تفتح لهم أبواب السماء إذا دعوا؛ قاله مجاهد والنخعي. وقيل: المعنى لا تفتح لهم أبواب الجنة؛ لأن الجنة في السماء. ودل على ذلك قوله: {وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} والجمل لا يلج فلا يدخلونها البتة. وهذا دليل قطعي لا يجوز العفو عنهم. وعلى هذا أجمع المسلمون الذين لا يجوز عليهم الخطأ أن الله سبحانه وتعالى لا يغفر لهم ولا لأحد منهم. قال القاضي أبو بكر بن الطيب: فإن قال قائل كيف يكون هذا إجماعا من الأمة؟ = وقد زعم قوم من المتكلمين بأن مقلدة اليهود والنصارى وغيرهم من أهل الكفر ليسوا في النار. قيل له: هؤلاء قوم أنكروا أن يكون المقلد كافرا لشبهة دخلت عليهم، ولم يزعموا أن المقلد كافر وأنه مع ذلك ليس في النار، والعلم بأن المقلد كافر أو غير كافر طريقه النظر دون التوقيف والخبر. وقرأ حمزة والكسائي: {لاَ يُفَتَّحُ} بالياء مضمومة على تذكير الجمع. وقرأ الباقون بالتاء على تأنيث الجماعة؛ كما قال: {مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ} [ص: 50] فأنث. ولما كان التأنيث في الأبواب غير حقيقي جاز تذكير الجمع. وهي قراءة ابن عباس بالياء وخفف أبو عمرو وحمزة والكسائي، على معنى أن التخفيف يكون للقليل والكثير، والتشديد للتكثير والتكرير مرة بعد مرة لا غير، والتشديد هنا أولى لأنه على الكثير أدل. والجمل من الإبل. قال الفراء: الجمل زوج الناقة. وكذا قال عبدالله بن مسعود لما سئل عن الجمل فقال: هو زوج الناقة؛ كأنه استجهل من سأله عما يعرفه الناس جميعا. والجمع  جمال وأجمال وجمالات وجمائل. وإنما يسمى جملا إذا أربع. وفي قراءة عبدالله: {حتى يلج الجمل الأصفر في سم الخياط}. ذكره أبو بكر الأنباري حدثنا أبي حدثنا نصر بن داود حدثنا أبو عبيد حدثنا حجاج عن ابن جريج عن ابن كثير عن مجاهد قال في قراءة عبدالله...؛ فذكره. وقرأ ابن عباس {الجمل} بضم الجيم وفتح الميم وتشديدها. وهو حبل السفينة الذي يقال له القلس، وهو حبال مجموعة، جمع جملة؛ قاله أحمد بن يحيى ثعلب. وقيل: الحبل الغليظ من القنب. وقيل: الحبل الذي يصعد به في النخل. وروي عنه أيضا وعن سعيد بن جبير: {الجمل} بضم الجيم وتخفيف الميم هو القلس أيضا والحبل، على ما ذكرنا آنفا. وروي عنه أيضا {الجُمُل} بضمتين جمع جمل؛ كأسد وأسد، والجمل مثل أسد وأسد. وعن أبي السمال {الجَمْل} بفتح الجيم وسكون الميم، تخفيف {جمل}. وسم الخياط: ثقب الإبرة؛ عن ابن عباس وغيره. وكل ثقب لطيف في البدن يسمى سما وسماه وجمعه سموم. وجمع السم القاتل سمام. وقرأ ابن سيرين {في سُم} بضم السين. والخياط: ما يخاط به؛ يقال: خياط ومخيط؛ مثل إزار ومئزر وقناع ومقنع. و{مِهَادٌ} الفراش. و{غَوَاشٍ} جمع غاشية، أي نيران تغشاهم. {وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ} يعني الكفار. والله أعلم.

الآية: 42 {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ -لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا - أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}

قوله تعالى: {لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} كلام معترض، أي والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون، ومعنى {لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} أي أنه لم يكلف أحدا من نفقات الزوجات{قبلت المدون هذا حكم عام في الزوجات وغيره أن الله لا يكلف نفسا الا ما آتاها وفي آية اخري الا وسعها} إلا ما وجد وتمكن منه، دون ما لا تناله يده، ولم يرد إثبات الاستطاعة قبل الفعل؛ قال ابن الطيب. نظيره {لا يُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا آتَاهَا} [الطلاق: 7]. الآية: 43 {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}

قلت المدون اشتقاقات غل { غ ل} هي آيات ورد فيها "غل"

    1. وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ ۚ وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴿١٦١ آل عمران﴾
    2. وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ ۖ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَـٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ۖ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ ۖ وَنُودُوا أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴿٤٣ الأعراف﴾
    وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ ﴿٤٧ الحجر﴾
    وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ ۚ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا ۘ بَلْ ... ﴿٦٤ المائدة﴾
    ... عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا ... ﴿١٥٧ الأعراف﴾
    وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ۗ أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ ۖ وَأُولَـٰئِكَ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ ۖ وَأُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴿٥ الرعد﴾
    وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَن نَّكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَادًا ۚ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴿٣٣ سبإ﴾
    إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُم مُّقْمَحُونَ ﴿٨ يس﴾
    إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ ﴿٧١ غافر﴾
    وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ ﴿١٠ الحشر﴾
    خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ﴿٣٠ الحاقة﴾
    إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا ﴿٤ الانسان﴾
    وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا ﴿٢٩ الإسراء﴾

ذكر الله عز وجل فيما ينعم به على أهل الجنة نزع الغل من صدورهم. والنزع: الاستخراج. والغل: الحقد الكامن في الصدر. والجمع غلال. أي أذهبنا في الجنة ما كان في قلوبهم من الغل في الدنيا. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الغل على باب الجنة كمبارك الإبل قد نزعه الله من قلوب المؤمنين". وروي عن علي رضي الله عنه أنه قال: أرجو أن أكون أنا وعثمان وطلحة والزبير من الذين قال الله تعالى فيهم: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ} . وقيل: نزع الغل في الجنة ألا يحسد بعضهم بعضا في تفاضل منازلهم. وقد قيل: إن ذلك يكون عن شراب الجنة، ولهذا قال: {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً} [الإنسان: 21] أي يطهر الأوضار من الصدور؛ على ما يأتي بيانه في سورة "الإنسان" و"الزمر" إن شاء الله تعالى. {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا} أي لهذا الثواب؛ بأن أرشدنا وخلق لنا الهداية. وهذا رد على القدرية. {وَمَا كُنَّا} قراءة ابن عامر بإسقاط الواو. والباقون بإثباتها. {لِنَهْتَدِيَ} لام كي. {لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} في موضع رفع. {وَنُودُوا} أصله. نوديوا {أَنْ} في موضع نصب مخففة من الثقيلة؛ أي بأنه {تِلْكُمُ الْجَنَّةُ} وقد تكون تفسيرا لما نودوا به؛ لأن النداء قول؛ فلا يكون لها موضع. أي قيل لهم: {تِلْكُمُ الْجَنَّةُ} لأنهم وعدوا بها في الدنيا؛ أي قيل لهم: هذه تلكم الجنة التي وعدتم بها، أو يقال ذلك قبل الدخول حين عاينوها من بعد. وقيل: {تِلْكُمُ}بمعنى هذه. ومعنى {أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} أي ورثتم منازلها بعملكم، ودخولكم إياها برحمة الله وفضله. كما قال:{ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ}[النساء: 70].

  وقال: {فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ} [النساء: 175]. وفي صحيح مسلم: "لن يدخل أحدا منكم عمله الجنة" قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: "ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته منه وفضل" . وفي غير الصحيح: ليس من كافر ولا مؤمن إلا وله في الجنة والنار منزل؛ فإذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار رفعت الجنة لأهل النار فنظروا إلى منازلهم فيها، فقيل لهم: هذه منازلكم لو عملتم بطاعة الله. ثم يقال: يأهل الجنة رثوهم بما كنتم تعملون؛ فتقسم بين أهل الجنة منازلهم.

قلت: وفي صحيح مسلم: "لا يموت رجل مسلم إلا أدخل الله مكانه في النار يهوديا أو نصرانيا" . 

= فهذا أيضا ميراث؛ نعم بفضله من شاء وعذب بعدله من شاء. وبالجملة فالجنة ومنازلها لا تنال إلا برحمته؛ فإذا دخلوها بأعمالهم فقد ورثوها برحمته، ودخلوها برحمته؛ إذ أعمالهم رحمة منه لهم وتفضل عليهم. وقرئ {أُورِثْتُمُوهَا}من غير إدغام. وقرئ بإدغام التاء في الثاء

تفسير الدر المنثور--الأعراف - تفسير الدر المنثور

قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ (38) وَقَالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (39)

- أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {قد خلت} قَالَ: قد مَضَت {كلما دخلت أمة لعنت أُخْتهَا} قَالَ: كلما دخلت أهل مِلَّة لعنُوا أَصْحَابهم على ذَلِك الدّين يلعن الْمُشْركُونَ الْمُشْركين وَالْيَهُود الْيَهُود وَالنَّصَارَى النَّصَارَى والصابئون الصابئين وَالْمَجُوس الْمَجُوس تلعن الْآخِرَة الأولى {حَتَّى إِذا ادَّاركوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَت أخراهم} الَّذين كَانُوا فِي آخر الزَّمَان {لأولاهم} الَّذين شرعوا لَهُم ذَلِك الدّين {رَبنَا هَؤُلَاءِ أضلونا فآتهم عذَابا ضعفا} للأولى وَالْآخِرَة {وَقَالَت أولاهم لأخراهم فَمَا كَانَ لكم علينا من فضل} وَقد ضللتم كَمَا ضللنا

 ==  وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {عذَابا ضعفا} قَالَ: مضاعفاً {قَالَ لكل ضعف} قَالَ: مضاعف وَفِي قَوْله {فَمَا كَانَ لكم علينا من فضل} قَالَ: تَخْفيف من الْعَذَاب

وَأخرج عبد بن حميد ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي مجلز فِي قَوْله {وَقَالَت أولاهم لأخراهم فَمَا كَانَ لكم علينا من فضل} يَقُول: قد بيَّن لكم مَا صنع بِنَا من الْعَذَاب حِين عصينا وحذرتم فَمَا فَضلكُمْ علينا

وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة قَالَ: قَالَ الْحسن: الْجِنّ لَا يموتون

فَقلت لَهُ: ألم يقل الله {فِي أُمَم قد خلت من قبلكُمْ من الْجِنّ والإِنس} وَإِنَّمَا يكون مَا خلا مَا قد ذهب

وَالله تَعَالَى أعلم

 تفسير  - الْآيَة (40){{ إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ (40)

- أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لَا تفتح لَهُم أَبْوَاب السَّمَاء} يَعْنِي لَا يصعد إِلَى الله من عَمَلهم شَيْء

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس {لَا تفتح لَهُم أَبْوَاب السَّمَاء} قَالَ: لَا تفتح لَهُم لعمل وَلَا دُعَاء

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لَا تفتح لَهُم أَبْوَاب السَّمَاء} قَالَ: عَيَّرَتها الْكفَّار إِن السَّمَاء لَا تفتح لأرواحهم وَهِي تفتح لأرواح الْمُؤمنِينَ

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يفتح لَهُم بِالْيَاءِ

وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْمَيِّت تحضره الْمَلَائِكَة فَإِذا كَانَ الرجل صَالحا قَالَ: أَخْرِجِي أيتها النَّفس الطّيبَة كَانَت فِي الْجَسَد الطّيب{{ أَخْرِجِي حميدة وابشري بِروح وَرَيْحَان وَرب رَاض غير غَضْبَان فَلَا يزَال يُقَال لَهَا ذَلِك حَتَّى تَنْتَهِي إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة فَإِذا كَانَ الرجل السوء قَالَ: أَخْرِجِي أيتها النَّفس الخبيثة كَانَت فِي الْجَسَد الْخَبيث أَخْرِجِي ذميمة وابشري بحميم وغساق وَآخر من شكله أَزوَاج فَلَا يزَال يُقَال لَهَا ذَلِك حَتَّى تخرج ثمَّ يعرج بهَا إِلَى السَّمَاء فيستفتح لَهَا فَيُقَال: من هَذَا فَيُقَال: فلَان-فَيُقَال: لَا مرْحَبًا بِالنَّفسِ الخبيثة كَانَت فِي الْجَسَد الْخَبيث ارجعي ذميمة فَإِنَّهَا لَا تفتح لَك أَبْوَاب السَّمَاء-فترسل من السَّمَاء ثمَّ تصير إِلَى الْقَبْر

وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف واللالكائي فِي السّنة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ: تخرج نفس الْمُؤمن وَهِي أطيب ريحًا من الْمسك فيصعد بهَا الْمَلَائِكَة الَّذين يتوفونها فَتَلقاهُمْ مَلَائِكَة دون السَّمَاء فَيَقُولُونَ: من هَذَا مَعكُمْ فَيَقُولُونَ: فلَان ويذكرونه بِأَحْسَن عمله- فَيَقُولُونَ: حياكم الله وَحيا من مَعكُمْ فَيفتح لَهُ أَبْوَاب السَّمَاء فيصعد بِهِ من الْبَاب الَّذِي كَانَ يصعد عمله مِنْهُ فيشرق وَجهه فَيَأْتِي الرب ولوجهه برهَان مثل الشَّمْس

قَالَ: وَأما الْكَافِر فَتخرج نَفسه وَهِي أنتن من الجيفة فيصعد بهَا الْمَلَائِكَة الَّذين يتوفونها فَتَلقاهُمْ مَلَائِكَة دون السَّمَاء فَيَقُولُونَ: من هَذَا فَيَقُولُونَ فلَان ويذكرونه باسوأ [هجاء الْهمزَة] عمله فَيَقُولُونَ: ردُّوهُ فَمَا ظلمه الله شَيْئا

فَيرد إِلَى أَسْفَل الْأَرْضين إِلَى الثرى وَقَرَأَ أَبُو مُوسَى {وَلَا يدْخلُونَ الْجنَّة حَتَّى يلج الْجمل فِي سم الْخياط}

وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وهناد بن السّري وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد فِي سنَنه وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي كتاب عَذَاب الْقَبْر عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ: خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي جَنَازَة رجل من الْأَنْصَار فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْر وَلما يلْحد فَجَلَسَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجَلَسْنَا حوله وَكَأن على رؤوسنا الطير وَفِي يَده عود ينْكث بِهِ فِي الأَرْض فَرفع رَأسه فَقَالَ: استعيذوا بِاللَّه من عَذَاب الْقَبْر مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا ثمَّ قَالَ: إنَّ العَبْد الْمُؤمن إِذا كَانَ فِي انْقِطَاع من الدُّنْيَا وإقبال من الْآخِرَة نزل إِلَيْهِ مَلَائِكَة من السَّمَاء بيض الْوُجُوه كَأَن وجوهم الشَّمْس مَعَهم أكفان من كفن الْجنَّة وحنوط من حنوط الْجنَّة حَتَّى يجلسوا مِنْهُ مد الْبَصَر ثمَّ يَجِيء ملك الْمَوْت حَتَّى يجلس عِنْد رَأسه قيقول: أيتها النَّفس الطّيبَة اخْرُجِي إِلَى مغْفرَة من الله ورضوان فَتخرج تسيل كَمَا تسيل القطرة من  فِي السقاء وَإِن كُنْتُم ترَوْنَ غير ذَلِك فيأخذها فَإِذا لم يدعوها فِي يَده طرفَة عين حَتَّى يأخذوها فيجعلوها فِي ذَلِك الْكَفَن وَفِي ذَلِك الحنوط فَيخرج مِنْهَا كأطيب نفحة مسك وجدت على وَجه الأَرْض فيصعدون بهَا فَلَا يَمرونَ على ملإٍ من الْمَلَائِكَة إِلَّا قَالُوا: مَا هَذَا الرّوح الطّيب فَيَقُولُونَ: فلَان بن فلَان بِأَحْسَن أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانُوا يسمونه بهَا فِي الدُّنْيَا حَتَّى ينْتَهوا بهَا إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا فيستفتحون لَهُ فَيفتح لَهُم فيشيعه من كل سَمَاء مقربوها إِلَى السَّمَاء الَّتِي تَلِيهَا حَتَّى يَنْتَهِي بِهِ إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة فَيَقُول الله: اكتبوا كتاب عَبدِي فِي عليين وأعيدوه إِلَى الأَرْض فَإِنِّي مِنْهَا خلقتهمْ وفيهَا أعيدهم وَمِنْهَا أخرجهم تَارَة أُخْرَى فتعاد روحه فِي جسده فيأتيه ملكان فيجلسانه فَيَقُولَانِ لَهُ: من رَبك فَيَقُول: رَبِّي الله فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا دينك فَيَقُول: ديني الإِسلام فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا هَذَا الرجل الَّذِي بعث فِيكُم فَيَقُول: هُوَ رَسُول الله فَيَقُولَانِ لَهُ: وَمَا عَمَلك فَيَقُول: قَرَأت كتاب الله فآمنت بِهِ وصدّقت فينادي مُنَاد من السَّمَاء: أَن صدق عَبدِي فافرشوه من الْجنَّة وألبسوه من الْجنَّة وافتحوا لَهُ بَابا إِلَى الْجنَّة فيأتيه من روحها وطيبها ويفسح لَهُ فِي قَبره مد بَصَره ويأتيه رجل حسن الْوَجْه حسن الثِّيَاب طيب الرّيح فَيَقُول: أبشر بِالَّذِي يَسُرك هَذَا يَوْمك الَّذِي كنت توعد فَيَقُول لَهُ: من أَنْت فوجهك الْوَجْه يَجِيء بِالْخَيرِ فَيَقُول: أَنا عَمَلك الصَّالح فَيَقُول: رب أقِم السَّاعَة رب أقِم السَّاعَة حَتَّى أرجع إِلَى أَهلِي وَمَالِي -///قَالَ: وَإِن العَبْد الْكَافِر إِذا كَانَ فِي إقبال من الْآخِرَة وَانْقِطَاع من الدُّنْيَا نزل إِلَيْهِ من السَّمَاء مَلَائِكَة سود الْوُجُوه مَعَهم المسوح فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مد الْبَصَر ثمَّ يَجِيء ملك الْمَوْت حَتَّى يجلس عِنْد رَأسه فَيَقُول: أيتها النَّفس الخبيثة اخْرُجِي إِلَى سخط من الله وَغَضب فَتفرق فِي جسده فينتزعها كَمَا ينتزع السفود من الصُّوف المبلول فيأخذها فَإِذا أَخذهَا لم يدعوها فِي يَده طرفَة عين حَتَّى يجعلوها فِي تِلْكَ المسوح وَيخرج مِنْهَا كأنتن ريح جيفة وجدت على وَجه الأَرْض فيصعدون بهَا فَلَا يَمرونَ بهَا على ملإٍ من الْمَلَائِكَة إِلَّا قَالُوا: مَا هَذَا الرّوح الْخَبيث فَيَقُولُونَ: فلَان بن فلَان بأقبح أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانَ يُسمى بهَا فِي الدُّنْيَا حَتَّى يَنْتَهِي بهَا إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا فيستفتح فَلَا يفتح لَهُ ثمَّ قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {لَا تفتح لَهُم أَبْوَاب السَّمَاء} فَيَقُول الله عز وَجل: اكتبوا كِتَابه فِي سِجِّين فِي الأَرْض السُّفْلى فتطرح روحه طرحاً ثمَّ قَرَأَ -رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَمن يُشْرك بِاللَّه فَكَأَنَّمَا خرّ من السَّمَاء فتخطفه الطير أَو تهوي بِهِ الرّيح فِي مَكَان سحيق} الْحَج الْآيَة 31 . فتعاد روحه فِي جسده ويأتيه ملكان فيجلسانه فَيَقُولَانِ لَهُ: من رَبك فَيَقُول: هاه هاه فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا دينك فَيَقُول: هاه هاه لَا أَدْرِي فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا هَذَا الرجل الَّذِي بعث فِيكُم فَيَقُول: هاه هاه لَا أَدْرِي فينادي مُنَاد من السَّمَاء: أَن كذب عَبدِي فافرشوه من النَّار وافتحوا لَهُ بَابا إِلَى النَّار فيأتيه من حرهَا وسمومها ويضيق عَلَيْهِ قَبره حَتَّى تخْتَلف فِيهِ أضلاعه ويأتيه رجل قَبِيح الْوَجْه قَبِيح الثِّيَاب منتن الرّيح فَيَقُول: أبشر بِالَّذِي يسوءك هَذَا يَوْمك الَّذِي كنت توعد فَيَقُول: من أَنْت فوجهك الْوَجْه يَجِيء بِالشَّرِّ فَيَقُول: أَنا عَمَلك الْخَبيث فَيَقُول: رب لَا تقم السَّاعَة

وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد {لَا تفتح لَهُم أَبْوَاب السَّمَاء} قَالَ: لَا يصعد لَهُم كَلَام وَلَا عمل

وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير {لَا تفتح لَهُم أَبْوَاب السَّمَاء} قَالَ: لَا يرفع لَهُم عمل وَلَا دُعَاء

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج {لَا تفتح لَهُم أَبْوَاب السَّمَاء} قَالَ: لأرواحهم وَلَا لأعمالهم

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {لَا تفتح لَهُم أَبْوَاب السَّمَاء} قَالَ: الْكَافِر إِذا أَخذ روحه ضَربته مَلَائِكَة الأَرْض حَتَّى يرْتَفع إِلَى السَّمَاء فَإِذا بلغ السَّمَاء الدُّنْيَا ضَربته مَلَائِكَة السَّمَاء فهبط فضربته مَلَائِكَة الأَرْض فارتفع فضربته مَلَائِكَة السَّمَاء الدُّنْيَا فهبط إِلَى أَسْفَل الْأَرْضين وَإِذا كَانَ مُؤمنا روّح روحه وَفتحت لَهُ أَبْوَاب السَّمَاء فَلَا يمر بِملك إِلَّا حَيَّاهُ وَسلم عَلَيْهِ حَتَّى يَنْتَهِي إِلَى الله فيعطيه حَاجته ثمَّ يَقُول الله: ردوا روح عَبدِي فِيهِ إِلَى الأَرْض فَإِنِّي قضيت من التُّرَاب خلقه وَإِلَى التُّرَاب يعود وَمِنْه يخرج

قَوْله تَعَالَى: {حَتَّى يلج الْجمل فِي سم الْخياط}

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {حَتَّى يلج الْجمل} قَالَ: ذُو القوائم {فِي سم الْخياط} قَالَ: فِي خرق الإِبرة

== وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْفِرْيَابِي وَعبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {حَتَّى يلج الْجمل} قَالَ: زوج النَّاقة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن فِي قَوْله {حَتَّى يلج الْجمل} قَالَ: ابْن النَّاقة الَّذِي يقوم فِي المربد على أَربع قَوَائِم

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَأَبُو عبيد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَأَبُو الشَّيْخ من طرق عَن ابْن عَبَّاس

أَنه كَانَ يقْرَأ (الْجمل) يَعْنِي بِضَم الْجِيم وَتَشْديد الْمِيم وَقَالَ: الْجمل الْحَبل الغليظ وَهُوَ من حبال السفن

وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد قَالَ: فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود حَتَّى يلج الْجمل الْأَصْفَر فِي سم الْخياط

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُصعب قَالَ: إِن قُرِئت الْجمل فَإنَّا طيراً يُقَال لَهُ الْجمل

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد {حَتَّى يلج الْجمل فِي سم الْخياط} قَالَ: الْجمل حَبل السَّفِينَة وسم الْخياط ثقبة

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة فِي الْآيَة قَالَ: الْجمل الْحَبل الَّذِي يصعد بِهِ إِلَى النّخل الْمِيم مَرْفُوعَة مُشَدّدَة

وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: حَتَّى يدْخل الْبَعِير فِي خرق الإِبرة

وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عمر

أَنه سُئِلَ عَن سم الْخياط قَالَ: الْجمل فِي ثقب الإبرة

 - الْآيَة (41 - 42) {{لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (41) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (42)

- أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لَهُم من جَهَنَّم مهاد} قَالَ: الْفرش {وَمن فَوْقهم غواش} قَالَ: اللحف

وَأخرج هناد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ { مثله

وَأخرج أَبُو الْحسن الْقطَّان فِي الطوالات وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْبَراء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكسى الْكَافِر لوحين من نَار فِي قَبره فَذَلِك قَوْله {لَهُم من جَهَنَّم مهاد وَمن فَوْقهم غواش}

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَلا هَذِه الْآيَة {لَهُم من جَهَنَّم مهاد وَمن فَوْقهم غواش} قَالَ: هِيَ طَبَقَات من فَوْقه وطبقات من تَحْتَهُ لَا يدْرِي مَا فَوْقه أَكثر أَو ماتحته غير أَنه ترفعه الطَّبَقَات السُّفْلى وتضعه الطَّبَقَات الْعليا ويضيق فِيمَا بَينهمَا حَتَّى يكون بِمَنْزِلَة الزج فِي الْقدح

 - الْآيَة (43) {{وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (43)

- أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: فِينَا وَالله أهل بدر نزلت هَذِه الْآيَة {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورهمْ من غل}

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورهمْ من غل} قَالَ: هِيَ الْعَدَاوَة

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ: بَلغنِي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يحبس أهل الْجنَّة بعد مَا يجوزون الصِّرَاط حَتَّى يُؤْخَذ لبَعْضهِم من بعض ظلاماتهم فِي الدُّنْيَا فَيدْخلُونَ الْجنَّة وَلَيْسَ فِي قُلُوب بَعضهم على بعض غل

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ قَالَ: إِن أهل الْجنَّة إِذا سيقوا إِلَى الْجنَّة فبلغوا وجدوا عِنْد بَابهَا شَجَرَة فِي أصل سَاقهَا عينان فيشربون من إِحْدَاهمَا فينزع مَا فِي صُدُورهمْ من غل فَهُوَ الشَّرَاب الطّهُور وَاغْتَسلُوا من الْأُخْرَى فجرت عَلَيْهِم نَضرة النَّعيم فَلَنْ يشعثوا وَلنْ يشحبوا بعْدهَا أبدا

وَأخرج ابْن جرير عَن أبي نَضرة قَالَ: يحبس أهل الْجنَّة دون الْجنَّة حَتَّى يقْتَصّ لبَعْضهِم من بعض حَتَّى يدخلُوا الْجنَّة حِين يدْخلُونَهَا وَلَا يطْلب أحد أحدا بقلامة ظفر ظلمها إِيَّاه وَيحبس أهل النَّار دون النَّار حَتَّى يقْتَصّ لبَعْضهِم من بعض فَيدْخلُونَ النَّار حِين يدْخلُونَهَا وَلَا يطْلب أحد مِنْهُم أحدا بقلامة ظفر ظلمها إِيَّاه

أما قَوْله تعلى: {وَقَالُوا الْحَمد لله الَّذِي هدَانَا لهَذَا} أخرج النَّسَائِيّ وَابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن جرير فِي ذكر الْمَوْت وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل أهل النَّار يرى منزله من الْجنَّة يَقُول: لَو هدَانَا الله فَيكون حسرة عَلَيْهِم وكل أهل الْجنَّة يرى منزله من النَّار فَيَقُول: لَوْلَا أَن هدَانَا الله {فَهَذَا شكرهم

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي هَاشم قَالَ: كتب عدي بن أَرْطَاة إليّ عمر بن عبد الْعَزِيز أَن من قبلنَا من أهل الْبَصْرَة قد أَصَابَهُم من الْخَيْر خير حَتَّى خفت عَلَيْهِم

فَكتب إِلَيْهِ عمر: قد فهمت كتابك وَأَن الله لما أَدخل أهل الْجنَّة الْجنَّة رَضِي مِنْهُم بِأَن قَالُوا {الْحَمد لله الَّذِي هدَانَا لهَذَا} فَمر من قبلك أَن يحْمَدُوا الله

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد والدارمي وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {ونودوا أَن تلكم الْجنَّة أورثتموها بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ} قَالَ نُودُوا: أَن صحوا فَلَا تسقموا وأنعموا فَلَا تبأسوا وشبوا فَلَا تهرموا واخلدوا فَلَا تَمُوتُوا

وَأخرج هناد وَابْن جرير وَعبد بن حميد عَن أبي سعيد قَالَ: إِذا أَدخل أهل الْجنَّة الْجنَّة نَادَى مُنَاد: يَا أهل الْجنَّة إِن لكم أَن تحيوا فَلَا تَمُوتُوا أبدا وَإِن لكم أَن تنعموا فَلَا تيأسوا أبدا وَإِن لكم أَن تشبوا فَلَا تهرموا أبدا وَإِن لكم أَن تصحوا فَلَا تسقموا أبدا فَذَلِك قَوْله {ونودوا أَن تلكم الْجنَّة أورثتموها بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ}

وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ {ونودوا أَن تلكم الْجنَّة أورثتموها بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ} قَالَ: لَيْسَ من مُؤمن وَلَا كَافِر إِلَّا وَله فِي الْجنَّة وَالنَّار منزل مُبين فَإِذا دخل أهل الْجنَّة الْجنَّة وَأهل النَّار النَّار ودخلوا مَنَازِلهمْ رفعت الْجنَّة لأهل النَّار فنظروا إِلَى مَنَازِلهمْ فِيهَا فَقيل: هَذِه مَنَازِلكُمْ لَو عملتم بِطَاعَة الله ثمَّ يُقَال: يَا أهل الْجنَّة رثوهم بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ== فيقتسم أهل الْجنَّة مَنَازِلهمْ

 = وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي معَاذ الْبَصْرِيّ قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِنَّهُم إِذا خَرجُوا من قُبُورهم يستقبلون بِنُوق بيض لَهَا أَجْنِحَة عَلَيْهَا رحال الذَّهَب شرك نعَالهمْ نور يتلألأ كل خطْوَة مِنْهَا مد الْبَصَر فينتهون إِلَى شَجَرَة يَنْبع من أَصْلهَا عينان فيشربون من إِحْدَاهمَا فتغسل مَا فِي بطونهم من دنس ويغتسلون من الْأُخْرَى فَلَا تشعث أَبْصَارهم وَلَا أشعارهم بعْدهَا أبدا وتجري عَلَيْهِم نَضرة النَّعيم فينتهون إِلَى بَاب الْجنَّة فَإِذا حَلقَة من ياقوتة حَمْرَاء على صَفَائِح الذَّهَب فيضربون بالحلقة على الصفحة فَيسمع لَهَا طنين فَيبلغ كل حوراء أَن زَوجهَا قد أقبل فتبعث قَيِّمَهَا فَيفتح لَهُ فَإِذا رَآهُ خر لَهُ سَاجِدا فَيَقُول: ارْفَعْ رَأسك إِنَّمَا أَنا قيمك وكلت بِأَمْرك فيتبعه ويقفوا أَثَره فيستخف الْحَوْرَاء العجلة فَتخرج من خيام الدّرّ والياقوت حَتَّى تعتنقه ثمَّ ثقول: أَنْت حبي وَأَنا حبك وَأَنا الخالدة الَّتِي لَا أَمُوت وَأَنا الناعمة الَّتِي لَا أبأس وَأَنا الراضية الَّتِي لَا أَسخط وَأَنا المقيمة الَّتِي لَا أظعن- فَيدْخل بَيْتا من رَأسه إِلَى سقفه مائَة ألف ذِرَاع بِنَاؤُه على جندل اللُّؤْلُؤ طرائق أصفر وأحمر وأخضر لَيْسَ مِنْهَا طَريقَة تشاكل صاحبتها فِي الْبَيْت سَبْعُونَ سريراً على كل سَرِير سَبْعُونَ حشية على كل حشية سَبْعُونَ زَوْجَة على كل زَوْجَة سَبْعُونَ حلةٍ يُرَى مخ سَاقهَا من بَاطِن الْحلَل يقْضِي جِمَاعهَا فِي مِقْدَار لَيْلَة من لياليكم هَذِه الْأَنْهَار من تَحْتهم تطرد أَنهَارًا من مَاء غير آسن فَإِن شَاءَ أكل قَائِما وَإِن شَاءَ أكل قَاعِدا وَإِن شَاءَ أكل مُتكئا - ثمَّ تَلا {ودانية عَلَيْهِم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا} الْأَعْرَاف الْآيَتَانِ 8 - 9 فيشتهي الطَّعَام فيأتيه طير أَبيض فَترفع أَجْنِحَتهَا فيأكل من جنوبها أَي الألوان شَاءَ ثمَّ تطير فتذهب فَيذْهب الْملك فَيَقُول: سَلام عَلَيْكُم {تلكم الْجنَّة أورثتموها بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ}

تعقيب المدون 

 قلت المدون {{  قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ (38) وَقَالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (39) إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ (40) لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (41) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (42) وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (43)}}

والايات تدلل علي كبكبة الكفار من كل الامم في النار عياذا بالله حتي يجتمع أولهم بآخرهم وكلما دخلت أمة لعنت أختها حتي إذا إداركوا فيها جميعا يتلاومون ويتجادلون وما ذلك بنافعهم فقد قضي الله وحكم بخلودهم في النار قال تعالي   {{ وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ (91) وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (92) مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ (93) فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ (94) وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ (95) قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ (96) تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (97) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (98) وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ (99) فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ (100) وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ (101) فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (102) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (103) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (104)/الشعراء }}

== وقال أيضا {قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ (38) وَقَالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (39) إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ (40) لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (41)الاعراف}

فاللهم أنجنا من النار ومن عذاب النار وحرم أجسادنا علي النار وأدخلتا في رحمتك وفي جناتك يا عزيز يا غفار وارض عنا وارضنا في الدارين إيانا ووالدينا وأهلينا ومن لهم حق الايمان علينا فإغفر وارحم ما بقيت السماوات والأرضين ويوم الحساب  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ج33. كتاب مفاتيح الغيب لفخر الدين محمد بن عمر التميمي الرازي الشافعي

  ج33. كتاب   مفاتيح الغيب لفخر الدين محمد بن عمر التميمي الرازي الشافعي وقوله إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ يقتضي الاستقبال إ...